منذ زمان النظام البعثي وما قبله كانت توجد مشكلة في العراق هي فقدان الامن الاجتماعي داخل بعض شرائح المجتمع العراقي وهي تلك الشرائح التي تخضع لسلطة رئيس العشيرة . وهذه المشكلة ليست جديدة في المجتمع العراقي فهي قديمة قدم التسلط العشائري الذي اشتد وقوي بسبب الاستعمار الذي كان يريد السيطرة على المجتمع فسلط البعض على البعض الاخر من خلال سلطة ليس لها حدود ولا يحكمها قانون .
وكانت الانظمة التي حكمت العراق في القرن الماضي تعمل في العادة على ترسيخ القانون العشائري الذي يوفر الكثير من الاجواء المناسبة للحكام الظالمين حتى يمارسوا اعمالهم دون رقيب او حسيب .
وكان النظام البعثي من اكثر الانظمة التي ساهمت في ترسيخ هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة حتى طمع البعض للحصول على صفة الشيخ في العشيرة من خلال مساندة الدولة واصبحت ظاهرة شيوخ التسعين علامة يعرف من خلالها البعض من ضعاف الناس امام المغريات التي قدمتها الدولة من اجل كسب ود بعض الاشخاص للسيطرة على بقية افراد العشيرة.
حتى انني كنت في منتصف التسعينات في سيارة للذهاب الى احد الاماكن وكان هناك احد شيوخ التسعين جالس في السيارة وكان بقربي احد الاشخاص الذين اعرفهم وفجاة التفت هذا الشيخ النسعيني قائلا لي : هل انت عاقل شاب في هذا العمر وتلبس العمامة الا تخاف على نفسك ؟؟!!!
فنظرت الى صاحبي الذي انصدم بالكلام وبقي محرجا لا يستطيع ان يرد حتى لا يعرف الشيخ التسعيني انه صديقي واخذ الخجل منه ماخذا كبيرا .
فنظرت اليه وهو محرج لا يستطيع ان يقول كلمة واحد للدفاع عني ضد هذا الشاب النزق الذي صار شيخا بمعونة حكومة البعث الظالمة وعندها التفت الى الشيخ الذي كان في حالة نشوة غامرة .
فقلت له بصيغة المتسائل : هل تعرف شخصا لا يخشى شيئا ابدا ؟؟؟
فسكت فجاة من شدة الصدمة من عودتي متسائلا من خوف وقال لي وهو يتلعثم : نعم .
فرددت عليه جازما وبسرعة : انه انا ولا احد غيري ... فسكت وقد عرف انه لا يساوي عندي شيئا ولو عاد الى سؤال مماثل سيسمع شيئا غير متوقع ...ونظرت الى صاحبي واذا به قد عاد الدم الى وجهه وهو يبتسم ابتسامة تكشف عن رضاه .
هكذا كانت القيمة تعطى لامثال هذا الشاب ليقول هذا الكلام وهو لا يخشى من سلطة القانون لتن القانون الظالم كان يحميه لانه تابع له .
واليوم عادت بعض الاحزاب المنحرفة لتلعب نفس اللعبة الشيطانية وهي التقوي ببعض المشايخ من ازلام البعث لكي تحصل على اصوات ابناء العشائر في الانتخابات وعادت الهدايا تبذل لهؤلاء كما كانت تبذل في الزمان البعثي بحجة عدم وجود قانون يجرم تقريب المنحرفين الذين يعيشون بين الناس كبارا وهو باعة للنفس والدين والموقف ...
وكانت الدولة تضرب بيد من حديد ضد الاشخاص الذين يسيئون الى الوضع العام في البلد وبطريقة وحشية الا ان الحكومة الحالية مضطرة للسكوت من اجل الاصوات الانتخابية , حتى وصل الامر الى ان تبقى الدولة متفرجة وهي ترى الناس تعاني من طيش بعض ابناء العشائر الذين لا يعرفون حدا يقفون عنده للحساب ...
ومن هنا كانت توصية المرجعية الدينية بوقف هذه التصرفات غير المسؤولة والتي تصدر من قبل البعض حتى لا يدفع الناس الابرياء ثمن التقصير الحكومي في واجب الدفاع عن ابناء الوطن.
وهذا أمر خطير جدا لا يصح استمرار السكوت عنه حتى لا نجد أنفسنا يوما أمام أكثر من جهة حاكمة وقاضية بين الناس فكيف اذا صارت الحكومة خصما للإنسان فمتى سنحلم بالعدالة ونحن نرى كيف تسعى الحكومة للحصول على قبول من قبل بعض الأشخاص الذين ليس لهم عند الله كرامة بل لأنهم يملكون اصواتاً يتحكمون بها في الانتخابات .
ومن المهم جدا ان نقف طويلا امام مثل هذه المطالبات لانها لو لم تكن خطيرة الاثر لما وجدنا المرجعية تهتم بها وهي التي عودتنا على تشخيص الامور الخطرة والاهتمام بها وهذا ما اثبتته الايام الماضية ...
https://telegram.me/buratha