شيءٌ جميلٌ جداً ورائعٌ ان يعترفَ المسؤولُ بفشلهِ، فتلك شجاعةٌ يقدّرها العقلاء، خاصةً في الزّمن الصّعب، عندما يتهرّب الجميع من تحمّل مسؤولية الفشل، بحثاً عن شمّاعات هنا وهناك يعلّقون عليها فشلهم.
ولكن بثلاثةِ شروطٍ:
الشّرط الاوّل؛ ان لا يعمِّم الفشل.
الشّرط الثاني؛ ان يعترفَ به قبل فوات الاوان.
الشّرط الثالث؛ ان يرتّب على اعترافه اثرٌ ما.
اولاً؛ انّ تعميم الفشل هو فَشَلٌ بحدّ ذاته، وهي محاولة شيطانية من قبل المسؤول الفاشل للتّقليل من تحمّل المسؤولية، او الهرب منها اذا أمكنه ذلك، على قاعدة [اذا عمّت هانت].
ان شجاعة الاعتراف بالفشل تتضاعف عندما ينأى المسؤول بنفسه عن اتّهمام الاخرين، خاصة اذا كان مستبدّاً برأيه لم يستشر أحداً عندما كان يتخذ قراراته. فليتحدّث كلّ مسؤولٍ عن نفسه، وليدع الحكم النهائي للناس، فتعميمه للفشل لا يشفع له بشيء ابداً!.
ان مسؤولية الفشل يتقاسمها جماعة اذا كانوا مشتركين فيها، اما اذا كان المسؤول مستبداً برأيه لم يطّلع احدٌ على قراراته فكيف يحق له ان يعمم الفشل؟!.
ثانياً؛ انّ للاعتراف بالفشل وقتٌ محددّ، فاذا تأخّر عنه او تجاوز حدّه، فلن ينفع شيئاً، ولذلك يلزم ان يأتي اعتراف المسؤول بفشله قبل فوات الاوان، وبعبارة اخرى ان يعترف بفشله عندما يكون في موقع المسؤولية وليس عندما يتركه، بالطّرد او الإقالة او الاستقالة، لا فرق!.
ما اروع ان يعترف المسؤول بفشله وهو في السلطة، طوعاً، لينال منّا كل الاحترام والتقدير، كما يفعل المسؤولون في البلاد التي يحترم فيها المسؤول نفسه وشعبه وبلاده!.
وكلّما وَقَّتَ المسؤول اعترافه بالفشل بشكل سليم وصحيح ودقيق، كلّما قلّت الخسائر المادية والمعنوية، اما اذا جاء اعترافه بعد فوات الاوان، او كما يقول العراقيون، بعد خراب البصرة، فلن ينفع اعترافه بشيء، بل انه سيكون دٓليلُ ادانةٍ يجب ان يُحاسب عليه ويدفع ثمنه.
لقد حاولتُ شخصياً ومن منطلق الحُبّ والحرص، ان انبّهه الى فشلهِ والى اسبابه، الا انه أعطاني وغيري الأُذن الصّمّاء، او كما كان يسمّيها والدي رحمه الله [الأُذُن الطّرشة] حتى اذا ترك موقع المسؤولية أصحرَ بفشلِه! تُرى {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.
اكثر من هذا، فوقتها شنّت اْبواقهُ من المصلحيّين والوصوليّين والمنتفعين، ضدي وأمثالي، حملة تسقيط شعواء لم يتعرّض لها حتّى الشّيطان في القرآن الكريم! فلم يتركوا مسبّة ولا تهمةً الا واستخدموها، كما عرّضوا وطعنوا ووو!.
تُرى؛ ما الذي ستقول ابواقه اليوم وهم يسمعون الى اعترافاته بالفشل الذريع على حد قوله؟!.
ثالثاً؛ صحيح ان الاعتراف بالفشل شجاعة ربما ما بعدها شجاعة، خاصة في بلادنا المتخلّفة التي يتشبّث فيها المسؤول بالموقع تشبث الموت بالانسان، فلا يدعها الا بالفلقة! حتى بات ينطبق عليه المثل المشهور [من القصرِ الى القبرِ] ولكن الأصح والاشجع من ذلك هو ان يرتّب المسؤول شيئاً على اعترافه بالفشل، كأن يتحمّل مسؤوليته مثلاً او ان يصحّح الفشل اذا كان قادرًا على ذلك، ولعل في تركه للسلطة، مهما كانت، افضل طريقة لتصحيح الفشل بعد الاعتراف به!.
امّا ان يعترف بالفشل الذّريع من دون ان يرتّب على ذلك ايّ أثرٍ، فليس في ذلك شيءٌ جديد، فكلنا نعرف انه فاشل وانه فشل فشلاً ذريعاً، فأين الاكتشاف الذي حققه عندما يعترف بفشله؟!.
نعم ان اعترافَه بالفشل سيعتبره الآخرون شجاعةً إذاً رتّب عليه اثرٌ وتحمّل مسؤوليته، كأن يترك السلطة ويتفرّغ لكتابة مذكّراته، مثلاً، كما يفعل كثيرون، فلربّما سيجد من يقرأ تجربته الفاشلة ولو بعد حين!.
https://telegram.me/buratha