المقالات

القمة العربية وخطاب الوحدة- غباءٌ مزمن!

1470 2015-04-07

على مدى عقود طويلة, كان اجتماع القمة العربية, إجتماعا يوصف بانه اجتماع شكلي, تتمخض عنه قرارات لا تتعدى كونها كلمات مكتوبة على الورق, ما ميز القمة 26 والتي عقدت في شرم الشيخ, أنها أول حالة شبه اتفاق بين العرب, في شنهم الحرب على دولة عربية ضعيفة وهي اليمن! وأكثر ما ميزها إطلاق تسمية "القمة الإيرانية" عليها من قبل بعض المحللين السياسيين, لأن ملف الحرب على اليمن, جاء عبر محاولات حثيثة من قبل بعض الزعماء المجتمعين, لربطه بإيران, كدولة ساندة للوحثيين وداعمة لهم!

بعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية, تعتقد بأن إيران بدأت تزحف بنفوذها في المنطقة العربية, ليس فقط من ناحية بسط سيطرة او نفوذ سياسي, فهي ترى بأن إيران بدأت تتحول الى قوة اسلامية, خطفت وهج الإعجاب الجماهيري للشعوب العربية والإسلامية, من خلال طرحها لمشروعها المذهبي! واستطاعت السعودية من خلال هذا الطرح, أن تقنع الجو العربي الشعبي, بخطورة ايران!

بينما نجدها من جانب آخر, لم تستخدم ورقة الخطاب المذهبي, في محاولتها لإقناع الدول المتحالفة معها, بل أنها استعانت بالجغرافية السياسية, وبالمخاطر الإقتصادية, في محاولتها لتصوير خطر التمدد الإيراني في المنطقة, مما جعل بعض الدول العربية, تدخل في قناعة مفادها: أن نجاح ايران في بسط نفوذها في المنطقة, يشكل تهديدا وجوديا لهذه الدول, ولأنظمتها السياسية القائمة, خاصة بعد تركيزهم على فكرة أن ايران تطمح للسيطرة على مضيق باب المندب, مما يمكنها من الإمساك بعصب التجارة والنفط في كل المنطقة, بل وأنها ستكون المتحكمة بالنفط العالمي, إذا ما حاولت اغلاق باب المندب !!

ما جرى في اجتماع القمة, لم يكن في ظاهرهُ عملية اتفاق, أكثر مما هو عملية اخفاء للخلافات البينية, الضاربة في عمق الخلافات بين الحكام العرب, حيث أن هذه القمة لم تتعرض لقضايا الأمة العربية الجوهرية والمصيرية, كالقضية الفلسطينية, وقضية العراق وسوريا وليبيا, وقضايا الإرهاب, بل اكتفت في هذه الموارد ببيانات شكلية تضامنية فقط, وهذا يعني أن هذه القمة قد عُقِدَت فقط وفقط من أجل الوقوف بوجه ايران, النازلة الى الساحة كقوة اقليمية. 

تكوين قوات الدفاع العربية المشتركة, في نظر بعض المحللين, هي احدى قرارات القمة العربية التي تفتقد بعد فض إجتماعها, الى آليات واضحة لتنفيذها على أرض الواقع, فهناك الكثير من النقاط الغامضة المتعلقة بهذا القوة المراد تكوينها, فمن حيث الأهداف: هل سيكون هدفها هو حماية الدول العربية, حين اقتاتلها مع بعضها, أم أنها ستكون قوة ردع ضد العداون الخارجي على أي دولة عربية؟ وإذا كان الأمر كذلك, فما هو موقف هذه القوات العربية, من الإعتداء الإسرائيلي على فلسطين واحتلال أراضيها؟

الجانب المذهبي العقائدي سيكون احدى المشاكل المطروحة والمتعلقة بملف هذه القوات, فهل أن هذه القوات ستكون ذات صبغة عقائدية واحدة" سنة مثلا" ؟ أم انها ستكون ذات روح قومية عربية مبتعدة عن مسميات الدين والمذهب؟ خاصة اذا علمنا أن نزعة الخلاف المذهبي والديني, حاضرة في الممارسة السياسية العربية منذ عقود, وبدأت ملامحها تتوضح في هذه الفترة, وهذا يعني أن هذه القوات ستكون قوات مهمتها الحرب والتصفية المذهبية ضد طائفة معينة!

إذا كان الأمر كذلك, فإن تكوين هذه القوة سيكون كفعل, تكون ردة فعله من قبل العرب المختلفين مذهبيا, هو تكوين مليشيات سرية, وقد ثبت في الوقت الحاضر, أن الجيوش النظامية, تفشل فشلا ذريعا في حربها مع المليشيات المسلحة, ومثال على ذلك القوات الأمريكية في العراق, والإسرائيلية في لبنان, فهي أوضح مثل على ما نقول.
هل تعتقد الدول العربية أن جيشها الدفاعي الجديد, سيكون أقوى من جيش الولايات المتحدة الأمريكية؟!

*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآيديولوجيات السياسية المعاصرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك