قاسم العجرش
تدور ثوابت السياسية الأمريكية دائما، في مدار نظرية حقول المصالح، و تتلخص تلك النظرية في أنه؛ حيثما لأمريكا مصلحة، فإن على القادة الأمريكان، حمايتها بمستوى أعلى من مقدارها، فيوفرون وسائل الحماية، ويضعون تلك الوسائل أمام المصالح بمسافة، حتى لا تتعرض المصالح لضربات مفاجئة قاضية!
عندما يُضطر القادة الأمريكان؛ الى القتال لحماية مصلحة لهم، أو تهمهم في مكان ما، فإنهم لا يقاتلون خلف الهدف، ولا فوقه، بل أمامه بمسافة، توفر لهم إمكانية المناورة المحسوبة..وتلك هي عقيدتهم الإستراتيجية السياسية.
اللافت أن أغلب الرؤوساء الأمريكان، خدموا لفترتين رئاسيتين، وغالبا ما يتم إعادة إنتخاب الرئيس، ليس لحسن أداءه في الفترة الأولى، بل لأن من صنعوا الرئيس، قد توفرت لهم عناصر الثقة، بأن ما بناه في الفترة الأولى يستحق أن يتمه، ولذلك غالبا ميمنح الرئيس الأمريكي الفترة الرئاسية الثانية!
الرئيس أوباما لم يشذ عن هذه القاعدة، ففي الفترة الأولى كانت الإستراتيجية مترعة بالوعود، في الفترة الثانية تعين عليه؛ إتمام ما تحقق من تلك الوعود..
فترته الرئاسية الثانية التي توشك أن تنقضي، ويذهب بعدها الى الأستراحة يلاعب كلبه، أو يتحول الى خبير إستراتيجي في أحد مراكز الأبحاث؛ وخلال هذه الفترة؛ كانت محاور إستراتيجية أوباما، ذاتها التي تبناها الرؤساء الذين سبقوه!
الإستراتيجية الأمريكية الدائم، بها تفاصيل كثيرة لكن خطوطها العامة هي: أمن أمريكا ومواطنيها وحلفاؤها وشركاؤها..اقتصاد أمريكي قوي، ينمو ويعتمد على التطور النوعي، في مجال إقتصادي عولمي مفتوح، وإرغام الحلفاء والخصوم، على إحترام المصالح الأمريكية العامة، في أمريكا ذاتها وحول العالم، واستمرار بناء النظام العالمي القطبي، وتطويره بقيادة أمريكا، بشراكة قوية مع أوربا وأسرائيل، واليابان وكوريا الجنوبية لمواجهة التحديات.
في الإستراتيجية التي مازال يطبقها الرئيس أوباما ثمة ملاحظة مهمة، وهي أنه لم يعد ثمة وجود لمفهوم الحرب الإستباقية، الذي تبناه البوشين الأب والابن...إذ أن وضع أمريكا وحلفائها، لم يعد يتحمل حروبا مباشرة، نعم يمكنهما اللجوء الى حروب النيابة، واستغلال أي أداة ممكنة، وفي هذا الصدد لا يمكن توقع قيم وأخلاق!
والذي يحصل اليوم في ساحتنا المحلية، وفي الساحة الإقليمية التي تحيطنا، ترجمة نصية لهذه الإستراتيجية، التي لا تتوفر على الحد الأدنى، من المعايير القيمية والأخلاقية..
"القاعدة"صنعتها أمريكا؛ لقتال السوفييت الروس في أفغانستان، ثم حاربتها بعد خروج الروس، أمريكا هي التي "سمحت" بتشكل نشاط للقاعدة في العراق، لوأد تشكل أي شكل من أشكال التعاضد، أو التحالف، بين الوضع الجديد في العراق وجمهورية إيران الإسلامية ، داعش الوليد الشرعي للقاعدة ، وبالإستعاضة فإن داعش صناعة للإستراتيجية التي نتحدث عنها!..
لأن الخوف قائم لدى أمريكا وحلفائها، من تشكل قوة إقليمية كبرى، من العراق وأيران وسوريا والمقاومة اللبنانية..سيما وأن تنور البحرين والإحساء والقطيف يفور بقوة؛ فإن ما يحدث غربي العراق وشماله الغربي؛ في الموصل والأنبار وتكريت وكركوك، ليس ببعيد عن هذا النهج، إن لم يكن في صلبه..
كلام قبل السلام: مصالحنا ليست مع أمريكا وحلفائها بالتأكيد، ليس لأختلاف العقائد وحسب؛ بل لأننا شعب لديه أخلاق!
سلام..
https://telegram.me/buratha