المقالات

" العراقيّةُ لاتُهدى ولاتُباع أيّها المتخلفون "

1906 2015-06-02


فوجئنا وصُدمنا بما تناقلته وسائل الإعلام العراقية والعربية والعالمية عن دفع خمسين إمراة بينهن قاصرات كتعويض أو فصل عن شجار حدث بين عشيرتين (عراقيتين) وكرد إعتبار للعشيرة المُعتدى عليها وحلاًّ للنزاع الذي أستخدمت فيه العشيرتان جميع الأسلحة المتوفرة لديهما الخفيفة والمتوسطة ولم يبقَ لإنهاء وحسم معركة الكرامة "والشرف" إلاّ سوق عشرات النساء العراقيات وتقديمهن كهديّة من جناب شيخ العشيرة الى العشيرة الأخرى ليُستخدمن كجاريات وخادمات أو تزويجهنّ لإراذل العشيرة وما أكثرهم ... وبلا أدنى أجر! وماعليهن إلاّ الطاعة العمياء ...ومالهنّ من حق في الكلام سوى كلمة واحدة هي "نعم" ...واخجلتاه...وامصيبتاه...

مالذي أصاب العراقيين ؟ أيعقل هذا في القرن الواحد وعشرين تُعامل المرأة العراقية بهذا المستوى من الذل والمهانة ...؟ مرّة تُسبى وتُباع بأبخس الأثمان في الأسواق من قبل الدواعش المجرمين ...ومرّة تُقدم كبضاعة بخسة وتُساق من عشيرة الى عشيرة أخرى وتتحول الى عملة رخيصة بأيدٍ شلّة من الجهلة والمتخلفين لتكون تعويضاً عن خسائرهم البشرية والمادية ؟ والغريب في الأمر أنّ هؤلاء القوم يتقاتلون ويقتتلون فيما بينهم إذا تعرّض أحدهم الى كلمة جارحة تمس الشرف وتمس الكرامة حسب مقاييسهم هم للشرف والكرامة ...أو إعتدى فرد من هذه العشيرة على زرع أو حيوان أو أي شيء مادي من العشيرة الثانية تقوم الدنيا ولاتقعد... حتى تتدخل كافة وجوه القوم وبعض أفراد الحكومة الملائكية من أجل إطفاء نيران المعركة ...ولم تتوقف وتضع الحرب أوزارها إلاّ بعد معاناة كبيرة وبصعوبة بالغة !

أقول إذا كان كسر شجرة أو عضّة كلب في بعض الأحيان تُثير فيكم كل هذه الحميّة ... فلماذا تتهاونون بأشرف وأكرم مخلوق عند الله وبمقاييس الأديان جميعا وبمقاييس الإنسانية ؟ ألم تسمعوا قول الله تعالى ..ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلا...لماذا تتجاهلون كلام الله وتهينون من كرّمه ؟ لماذا تحكّمون عصبيتكم القبلية وجهلكم وتكفرون بشرع الله ؟ أنا أعلم جيداً ان هذا الفعل مُستنكر عند الغالبية العظمى من عشائرنا الكريمة التي تؤمن بالله وشرعه وتحترم إنسانيتها وقيمها وتحكّم العقل والدين الذي جعل الجنّة تحت اقدام الأمهات ...أعلم أن هذه العشائر الكريمة ستقف موقفا حازما ومشرّفا ضد هذه التصرّفات التي أخجلت العراقيين جميعا أمام العالم وأساءت الى تأريخ وقيّم الشعب العراقي وسببت إهانة مباشرة للمرأة العراقية التي يشهد لها العالم بمواقفها وصبرها وتحمّلها شتّى صنوف الألم من جراء فقد الأحبّة في الحروب العبثية ونتيجة الإرهاب ...

ماهكذا تكافيء الأم والزوجة والأخت والبنت العراقية ؟ كما نأمل من مراجعنا العظام التدخّل المباشر لمنع هكذا جهل وتعسّف بحق المرأة ... وتبقى المسؤولية الأهم على عاتق الحكومة العراقية على أن تتدخل وتترك المجاملات وتحد من نفوذ المحكمة العشائرية التي تمددت على حساب صلاحيات المدعي العام ... والكلمة الأخيرة والفصل هي للشعب العراقي الذي لم ولن يتهاون ولن يسمح للتقاليد البالية أن تنال من كرامة الأم العراقية وتجعلها سلعة للبيع والسبي ومادة تُهدى بين المتخلفين ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك