المقالات

ما مات الإمام.. ولنا معه في كل حين لقاء

1356 09:50:55 2015-06-05

الإمام الخميني يرسم مسيرة المستقبل محمود ريا 
لمن كان يعي، كان الأمر كارثة حقيقية. والوعي هنا يحمل معنيين: معنى الادراك الناجم عن العمر، فالحدث الذي حصل قبل ستة وعشرين عاماً غائب بتفاصيله عن الكثيرين من الأجيال الشابة، لا بل هو غائب بالمشاعر التي رافقته، والأسئلة التي سارت معه، عنهم وعن أفكارهم وخيالاتهم.
ومن هنا ينبع الوعي الآخر، الوعي المتعلق بأبعاد هذه الكارثة وآثارها ونتائجها وما ستتركه من فراغ على مستوى الأمة.
والحدث هو وفاة الإمام الخميني المقدس، في الرابع من حزيران/ يونيو عام 1989.
كانت الأمة قد أضحت غير ما كانت عليه قبل عشر سنوات فقط، تبدلت أحوالها، من حال إلى حال، انبثق نور جديد بين جنباتها، وتفتحت في أرجائها آمال عراض، ونشأ جيل ينظر إلى المستقبل بعين مفعمة بالتفاؤل والتوقعات الإيجابية.
لقد أطلقت حركة الإمام الخميني ثورة حقيقية، على مختلف الصعد، فانتفض مارد كان خامداً على مدى عقود، لا بل قرون، وتجمعت أوصاله المقطعة وأجزاؤه المبعثرة، وصارت أحلام كالكرامة والعزة والتحرير والنصر أقرب منالاً وأدنى قطوفاً، وعادت القدس قضية مركزية، ولم تعد فلسطين نسياً منسياً.
كل ذلك وأكثر، وبما لا يمكن تحديد حجم اتساعه، صار في أذهان جيل شاب، كانت نشأته الأولى على أصوات الهزائم، وفي مستنقعات التشتت الفكري والتبعثر العقائدي، وبين جنبات الانسحاق أمام القوى العظمى وعملائها في منطقتنا، فجاء الإمام، وكان ثورةً، قوةً، نهجاً، لا بل صراطاً مستقيماً.
وعاش الجيل الطالع هذا الحلم واقعاً، وانطلق يقدّم ويضحي، وينتصر ويفخر، ويصنع مستقبلاً اختاره بنفسه، على هدي تعاليم هذا القائد الكبير، واستناداً إلى أفكاره التي استمدّها من إسلام عظيم، إسلام نشط متحرك واقعي، بعيداً عن التنظير والخمول والتقوقع في الزوايا والتكايا والبعد عن الأحداث، وإسلام متقدم واعٍ ينظر إلى الأحداث بعين الحاضر دون أن يفارق جذور الأصالة والثوابت.
وفي غمرة هذه النهضة الكبرى، التي أعادت أمة مفككة مبعثرة إلى خارطة العالم، بالرغم من الهجمة الاستكبارية الكبرى التي واجهتها من أجل منع قيامها، أو تأخيره على الأقل، جاء الخبر الصاعقة: توفي الإمام الخميني.
أحبط كثيرون، لا بل دُمروا.
أحسوا بالأحلام تتهاوى، بالإنجازات تنهار، بالأفكار تنفكّ عن الوقائع.
توفي الإمام؟
وكيف ستستمر هذه المسيرة، ماذا عن الكرامة، وهل سنبقى نعيش العزة؟
ما هو مصير المقاومة، وهل سنصل إلى الانتصار الموعود؟
وبكى الناس.
بكوا آمالهم وأحلامهم، لا بل بكوا مستقبلهم الذي رسموا صورته المشرقة مع الحياة التي بثّها هذا الرجل الذي لا نظير له في أرواحهم.
مات الإمام؟
هبّت ملايين، تنعى المجدد، وتنتحب..
وكان انتظار اليوم التالي..
العدو ينتظر بشماتة، والصديق ينتظر بتلهّف، والمكلوم مسكون بالوجل والخوف من الآتي.
لم يعرف الكثيرون أن هذا الإمام العظيم أطلق في الأمة سلسلة من التفاعلات التي لا يمكن أن تتوقف برحيل شخص. غاب عنهم أنه أحيا جسداً ميتاً، وبث فيه الروح. هو جسد قام.. ولا يمكن له أن يعود إلى السبات والخمول والاندثار.
لقد فجّر ثورة عظمى، ثورة تتخطى الأشخاص والأجيال والبلدان وكل الحدود، ثورة على مستوى العالم، لا تخبو أنوارها، ولا يهمد بركانها، ولا تنطفئ نيرانها.
لقد أنشأ جيلاً مؤمناً بأن النصر ينطلق من الداخل، من النفس الإنسانية، من الإيمان بالله تعالى، والاعتماد على الذات، ولذلك.. لا بدّ لهذا النصر من أن يتحقق.
لقد ربى قيادات آمنت ونصرت وضحّت ومارست واستوعبت وارتوت، فصارت قادرة على إكمال السير على هذا النهج، وعلى قيادة هذة المسيرة الضخمة نحو إعادة كتابة التاريخ من جديد.
وكما كان الإمام في حياته ملهماً وقائداً وثائراً ومجدداً، بقي بعد رحيله نبراساً وهادياً ومعلماً، وبقيت ثورته حيّة معطاءة متفجرة، تحقق الانتصارات وتراكم الإنجازات، حتى استطاعت فعلاً أن ترسم سيرورة جديدة للعالم وللمستقبل.
مات الإمام؟
لا ما مات، هو ما زال في كل واحد حمل أفكاره، وسار على نهجه، متمسكاً بأصالته، مجدداً في ما يكتسبه من فهم وتطور.
ما مات الإمام، والدليل أننا ما زلنا نحيي ذكراه كحاضر مضيء، وكمستقبل أكثر إشراقاً، وليس فقط كماضٍ مجيد ما غاب عنا بتفاصيله وإنجازاته.
ما مات الإمام، ولنا معه في كل عام، لا بل في كل يوم وحين، لقاء.. ننهل من أفكاره حلولاً لمشكلات تطرأ، واقتراحات لإبداعات تتحق، وثباتاً على نهج أعاد إحياء الإسلام المحمدي الأصيل، بعد أن كاد الإسلام المزيّف يفرض نفسه على الأمة.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك