في كانون الثاني الماضي، عندما كانت الاسعار 44 دولاراً/برميل، قلنا في ورقة مقدمة الى احدى المؤتمرات في الكويت، بان اسعار النفط بلغت القاع، وستبدأ بالارتفاع تدريجياً وببطء.. وبالفعل ارتفعت الاسعار بمعدل 3 دولار شهرياً تقريباً، وتدور اليوم حول 65 دولار/برميل.. ونعتقد ان هذا الاتجاه سيستمر.. ونحن نقول ذلك ليس من باب المضاربة.. بل استقراءاً للاسواق وللعوامل المختلفة المتداخلة.
ولقد انتهينا للتو من الاجتماع الوزاري لـ"اوبك".. والاجواء الان اكثر تفاؤلاً من تشرين الثاني العام الماضي.. فلقد اكد كثيرون ان عامل المضاربة كان له دور كبير في خفض الاسعار، رغم ان عوامل اقتصادية وسوقية وفائض في العرض ساهمت باطلاقه، فاستغل المضاربون ذلك.
سبق الاجتماع الوزاري للمنظمة مؤتمر حضره عدد كبير من وزراء "اوبك" و"غير اوبك" وكبار المؤسسات والشركات والمصالح التي تمثل المصالح النفطية.. والذي حضره من جانبنا، اضافة لوفد الوزارة واعضاء لجنة الطاقة البرلمانية والسفير العراقي في فينا. في هذا المؤتمر، اختطف العراق الاهتمام وكان المحور الاول بامتياز في كلمات شخصيات بارزة ومهمة، مشيرة للتقدم الذي يحققه العراق في المجال النفطي، رغم الظروف الامنية والمالية الصعبة، واوضاع السوق السلبية.
ذكرنا في ذلك الاجتماع بوضوح، بان الاسعار مع استمرار العوامل الحالية قد تصل لمعدل 75-80 دولار/برميل قبل نهاية العام.. مستندين في ذلك الى قناعة بان هبوط الاسعار الى حوالي 40 دولاراً لم يكن سببه الاساس اضافة 2-3 مليون برميل من الانتاج الامريكي، بل المضاربة التي استغلت فائض العرض استغلالاً كبيراً.. وان هذا الانهيار كان بحد ذاته عامل تصحيح للاسواق.. فلقد اصاب الذعر الشركات والاستثمارات وبدأت بتقليص او تأجيل استثماراتها حول العالم مما يشكل اهم عامل ضغط على الانتاج.. فاخرجت الاسعار الواطئة الكثير من الحفارات للنفط الحجري عن الخدمة. فخلال الاسبوع الاخير فقط خرجت 13 حفارة.. ليصبح مجموع الحفارات العاملة 646 مقابل 1606 عند اعلى مستوياتها.. فاذا اضفنا استقرار، او تحسن معدلات النمو، خصوصاً في اوروبا، مما سيحسن بدوره من الطلب.. فاننا نستطيع الكلام باطمئنان حذر ان الاسعار ستستمر بالارتفاع.. مؤكدين ان التوقعات الاقتصادية هي دائماً مراهنة نضطر للقيام بها، لاهميتها في اتخاذ القرارات، والتي يجب ان تحاط بسلسلة من الاحتياطات، لتداخل وتعقد العوامل المختلفة. فالاقتصاد ليس كالعلوم الطبيعية، فعوامله خليط من قوانين صارمة وبنيوية من جهة، تتداخل فيها، من جهة اخرى، الكثير من العوامل النفسية والسياسية والامنية والمالية والتضاربية والتقنية والبيئية والاجتماعية، وغيرها، اي الكثير من العوامل غير المؤكدة، التي يصعب ضبطها وتحديد اتجاهاتها واحجامها.
عادل عبد المهدي
https://telegram.me/buratha