إن الضرورة تستدعي وبشكل عاجل ومؤكد، أن تشمل الإصلاحات العملية الأنتخابية، مثلما يتعين أن تشمل المؤسسة الأنتخابية، لأنها بقيت مثقلة بأخطاء بنيوية، لا يمكن السكوت عنها، ولم يتم الإقدام على إصلاح حقيقي لميكانيزمات العملية الانتخابية، بما يجعلها عملية حقيقية منطلقا ومنتهى، ويعيد الاعتبار والثقة لها ولنتائجها.
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها، هي أننا قبل 2003، لم نكن نتوفر على حد أدنى من الخبرات، بعمليات الأنتخاب والإقتراع، وكل الخبرات المتوفرة لدينا الآن، هي نتيجة لما تحصل بعد ذلك التاريخ، كما أنها بنيت بأياد ليست عراقية، بمعنى أنها صممت وبنيت من قبل المحتل الأمريكي، وعبر مؤسسات الأمم المتحدة.
هنا تداخل عاملين، الأول وهو المحتل الأمريكي، الذي كان يريد بناء منظومة إنتخابية خادمة لتلبية مصالحه، والثاني الأمم المتحدة ببيروقراطيتها المعهودة، وبطوباوية أفكارها ورؤاها.
لقد كانت النتيجة؛ أن أنشىء لدينا جهاز إنتخابي طويل عريض دائم، هو المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات، حيث ألصقت بها صفة “المستقلة” لصقا، لأنها بالواقع إنعكاس تفصيلي، للواقع السياسي العراقي، حيث يتكون مجلسها من ممثلي الاحزاب، وحيث يتحكم بواقعنا السياسي نظامها الأنتخابي العجيب، وكيفية توزيع المقاعد الغريبة التي ابتدعتها بالنتائج، وتمنع التغيير في توازنات التمثيل البرلماني، لأنها مصممة بشكل يجعل من اليسير؛ أن يصل الى مجلس النواب من لا يمتلك 60 صوتا، وتلك لعمري لطخة عار في جبين الديمقراطية!
المفارقة المهمة التي أشرنا اليها بمفردة”دائم”، هي أن هذا الجهاز الدائم يؤدي أنشطة، تفضي الى نتائج ليست دائمة، نحتاجها كل أربع سنوات، وهذه الديمومة تكلف شعبنا، ما لا يقل عن 500 مليار دينار سنويا، وهذا يفسر الترف الذي تعيشه المفوضية، حيث حياة الفنادق والمؤتمرات، وحيث يتقاضى آلاف الموظفين، رواتب عن عمل ليس هو بعمل، وحيث أنشأنا ديمقراطية هي الأكثر تكلفة في العالم!
إننا لسنا شعبا من المغفلين أو الأيتام، حيث يتعلم المنتفعون الحجامة برؤوسنا، وحيث يأكلون من أقفيتنا، تحت بنود الرواتب والأبنية والمنشآت، والتشغيل والأثاث والإدارة والسيارات، وكثير من أوجه الانفاق الوهمي، ويتعين أن ننتهي من هذا الوضع الإستثنائي، ونتركه خلف ظهورنا، ونحسبه ذكرى من ذكريات الإنفاق اللا مبرر!
إن الحل يتمثل بشمول العملية الإنتخابية برمتها بالإصلاح، وان يتم إلغاء مفوضية الإنتخابات، فورا وبلا إبطاء، بل وبلا حاجة للحديث أو البحث عن بديل، لأن البديل هو الجسم القضائي العراقي، وهو جسم قادر على التعاطي مع الأنتخابات، مستعينا بتجارب الآخرين، كمصر التي عدد سكانها ثلاثة أضعاف العراقيين، وكالهند التي يشكل سكانها قرابة ثلثمائة ضعف العراقيين..
كلام قبل السلام: إن على السيد العبادي، وعلى جناح السرعة، إرسال مشروع قانون بإلغاء مفوضية الأنتخابات الى مجلس النواب، وإيكال مهامها الى القضاء؛ عند الحاجة والإقتضاء!
سلام…
https://telegram.me/buratha