المقالات

شعار الدولة السعودية: العفو عن الإرهابيين والتنكيل بالآخرين

1320 16:03:00 2007-09-22

( بقلم : علي فردان )

لقد أعلن الأمير عبدالله عن عفو ولمدة شهر عن الإرهابيين الذين يسلّمون أنفسهم للسلطات، وقد مضى على ذلك حوالي أسبوعين لحد الآن استسلم عدة أشخاص. القرار كما ذكره الأمير عبدالله وتناقلته الصحافة بأن العفو عنهم ليس ضعفاً، بل العكس لأن الدولة لازالت تضرب الإرهابيين في كل مكان.

إذا كان العفو من منطلق القوة، كما تُشير الحكومة، وهذا العفو عن إرهابيين قاموا بتكفير الدولة نفسها، وقتل أنفس بريئة من المواطنين وغيرهم من الجنسيات الأخرى، بل ذبحوا آدميين وسحلوا جثثهم في الشوارع، كما حدث في ينبع والخبر، فهل العفو عن هؤلاء سياسة قوة؟ إذا كانت سياسة الدولة هي التعامل مع الإرهابيين هو العفو، أليس لنا الحق في الاعتراض بعد الترويع والخوف الذي لحق بنا في البلاد؟ أليس لنا الحق في المطالبة بإنزال العقوبة على من ألحق أضراراً نفسية واقتصادية ضخمة بفئة من المواطنين؟ أليس للمواطنين الذين فقدوا عزيزاً عليهم قُتل على يد الإرهابيين، أليس لهم الحق في القصاص من هؤلاء المجرمين ومن قام بتمويلهم ووفّر لهم الغطاء الديني ودعمهم على مدى السنوات الماضية؟ أليس لنا الحق كمواطنين أن يكون لنا رأياً فيما حدث؟ أم أنّ الموضوع لا يعنينا من قريب أو من بعيد؟

لقد قام آل سعود بتهميش دور المواطن في السابق واتخذوا قرارات ضد مصلحة الوطن مثل دعمهم لصدّام في حربه ضد إيران، ومثل دعمهم لطالبان ودعمهم للتيار الوهابي المتطرف بالبلايين من الدولارات لنشر فكره المنحرف في كل مكان عن طريق المعاهد الدينية والمراكز "الإسلامية" والجامعات الوهابية المنهج والتوجه، والنتيجة هي كما نرى الآن. ولتصحيح الخطأ المطلوب من المواطن مرة ثانية وثالثة وعاشرة أن يدفع الثمن من حياته وأمنه، من قوت عياله، حيث يقوم آل سعود بتهميش المواطن واتخاذ قرارات أخرى يستفيد منها الإرهابيين أنفسهم، مثل قرار العفو عن المجرمين وعن مشايخهم الذين أباحوا دماء المواطنين والمقيمين، و لا تزال سياسة آل سعود هي التغافل عن هموم الوطن والمواطن.

افتراضاً، لو من قام بهذه العمليات الإرهابية هم من الشيعة، ماذا ستكون ردة فعل الحكومة؟ هل ستعفو عنهم؟ أم ستقوم بإحراق المناطق الشيعية فوق رؤوس أهلها؟ أم ستتركهم بدل إعدامهم على الملأ بحجة الإفساد في الأرض؟ أم ستقوم الدولة بالتفريق بين الإرهابيين وبين بقية المواطنين الشيعة وستمنع أي جهة كانت من المساس بالمذهب الشيعي لأن الإرهابيين لا يمثلون إلاّ أنفسهم ولا يمثلون إلاّ فئة قليلة من المجتمع و يجب التعرض للمذهب الشيعي أو الشيعة بسوء؟ بدون شك ستقوم آلة آل سعود الإعلامية بالنيل من الشيعة وستقوم آلتها العسكرية بحصار المناطق الشيعية وستدكّها بالمدفعية ليل نهار بحجة الخروج على "ولي الأمر" وبحجة "الإفساد في الأرض" وبحجة "العمالة لدولة أجنبية" وبحجة "تهديد وحدة الوطن".

إن ما حدث للشيعة في عام 1400 هجرية بعد انتفاضة المحرم السلمية أكبر دليل على أن آل سعود يتعاملون مع الآخرين من غير الوهابيين، وخاصة الشيعة بطائفية وعنف لا مثيل له، فقتلى وجرحى الشيعة بالعشرات، استشهد الكثير منهم بالرصاص وتحت التعذيب، والمسجونين منهم بالمئات والممنوعين من السفر بالآلاف. هل تغيّرت سياسة الحكومة الآن؟ لا أعتقد ذلك، ففي الوقت الذي تعرض الحكومة العفو عن الإرهابيين، لازال العديد من الشيعة الاسماعيليين في السجون السعودية تحت التعذيب فقط لأنهم أرادوا ممارسة شعائرهم الدينية، بل وصل الحد إلى جلدهم أمام الناس في السوق كنوع من الإرهاب. وحتى مع اعتراف التيار الإرهابي الوهابي ممثلةً بتنظيم القاعدة بتفجير أبراج الخبر عام 1996 م، لازال العديد من الشيعة في السجون بتهمة تفجيرات الخبر منذ ذلك الحين، لا يعرف الكثير مكان سجنهم ولا يستطيع أحد زيارتهم. ولا زال العديد من الشيعة ممنوعين من السفر وآخرين تم طردهم من أعمالهم لأسباب طائفية بحتة. معلم يتم طرده من عمله لأنه أهدى كتاباً دينياً لزميل له، آخر يتم طرده من عمله لاتهامه بأنه استخدم بيته لعمل عزاء في يوم العاشر من المحرم، في الوقت الذي يسرح ويمرح الإرهابيين في المدارس والمؤسسات الحكومية والمساجد يفتون بقتل الشيعة وينشرون كتب الكراهية علناً دون أن يتم التعرض لهم أو حتى مسائلتهم على ما يفعلون.

هل نسينا الدكتور منصور الفالح، الدكتور عبدالله الحامد، الأستاذ الشاعر علي الدميني الذين تم اعتقالهم منذ 17 مارس 2004 إلى الآن؟ هؤلاء الإصلاحيون الذين قابلوا الأمير عبدالله أكثر من مرة ومعروف عنهم الإخلاص لوطنهم ولم يفجّروا مبنى أو يرفعوا سلاحاً ولا حتى سكيناً، ولم يذبحوا مواطناً أو معاهداً. أقصى ما يعرفونه هو النصيحة وأكبر ما يحملون هو هموم الوطن، ولا يملكون سوى القلم للتعبير عن أفكارهم وآرائهم. ألا يستحقون العفو والاعتذار لهم، إذا ما قورنت أعمالهم الإنسانية الإصلاحية الوطنية بما يفعله الإرهابيون؟ لماذا يقبعون في السجون دون محاكمة؟ لماذا يتم اتهامهم بأنهم أعداء الوطن والدين؟ لما لا يتم السماح للهيئات الحقوقية بزيارتهم أو الدفاع عنهم؟ لما لم يتم ذكرهم في هذا الوضع المأساوي الذي تمر به البلاد، خاصةً وأن الوطن يحتاج لهذه الفئة بالذات للتأكيد على وحدة الوطن ضد التطرف والإرهاب؟ هل قام هؤلاء الإصلاحيون بما يهدد اقتصاد الوطن؟ أو وحدته؟ أو قاموا بنشر الخوف والرعب بين المواطنين والأجانب؟

إن "وطناً" يحابي أقلية إرهابية ويدعم التوجهات المتطرفة والداعية للعنف ضد الآخرين لا يستحق الدفاع عنه. إن "وطناً" يقوم بسجن الإصلاحيين ويعفو عن الإرهابيين لا يستحق أن نحزن على وضعه المأزوم. إن "وطناً" يقوم بالتضحية بالأكثرية المخلصة والمتسامحة محاولاً الحصول على دعم الأقلية المتطرفة، وطناً بدون شك يسير في الطريق الخطأ. إن الوطن يحتاج إلى الإصلاح وبسرعة في كل المجالات، يحتاج الوطن إلى الهواء الطلق ليملأ رئتيه، يحتاج الوطن للحرية، حرية التعبير، حرية ممارسة الشعائر الدينية، المساواة، العدالة، تكوين الأحزاب والتجمعات والمؤسسات المدنية، يحتاج الوطن لوجود انتخابات بالاقتراع المباشر ليختار من يحكمه، يحتاج لوجود قوانين عادلة تكون فيها السلطات التشريعية منفصلة عن القضائية وعن التنفيذية. يحتاج الوطن لمحاسبة كل من تسبب في ضياع خيراته وسرقة أمواله وخّرب اقتصاده ومحاسبة كل من قتل وسجن وعذب مواطن. يحتاج الوطن كل ذلك وأكثر حتى يدخل إلى القرن الحادي والعشرين. الكثير يعلم بأننا نسير في طريق شائك ومحفوف بالمخاطر، لكن مع استمرار سياسة آل سعود الحالية، يعني الوطن سيصل بسرعة إلى وضع يحتّم التدخل الدولي لإعادة الأمن والرخاء إليه ولمنع الإرهابيين من السيطرة على ثرواته.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حیدر
2007-09-23
اللهم العن ال سعود وعذبهم في الدنيا قبل الاخره اللهم اجعلها اخر ايامهم اللهم اجعل باسهم بينهم وافضحهم والحقهم باسلافهم يزيد ومعاويه والحجاج وعميلهم صدام اللعين ابوالحفر
ابراهيم
2007-09-22
الله يلعن أل سعود ويحشرهم مع صدام والتكفيريين والله ينصر الشيعه على كل بقعه من بقاع الأرض ويعجل ظهور صاحب العصر والزمان(ع) وياخذ حق كل شيعي مظلوم في هالعالم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك