قاسم العجرش
ثمة ظاهرة فاشية في الوسط السياسي، الذي يتصدى لتمثيل السنة في العراق، هذه الظاهرة تتمثل في أنه ما إن يتعرض سياسي من الساسة السنة الى نقد ما، أما لأداءه عندما يكون في المواقع التنفيذية للدولة، أو لتصرفاته السياسية الخارجة عن المألوف، إلا وتأتي البيانات وهي تندد بمن ينتقد، وبين طيات تلك البيانات؛ تتقافز مقاطع مثل: "عدم السماح بإستهداف الرموز الوطنية"..وكأن أي سياسي سني، رمز وطني لا يجوز التعرض له أو المساس به، فما خلفية هذه الظاهرة؟!
بالحقيقة أنه لاشك أن ما تدور رحاه اليوم في بلدنا، لا يمكن أدراجه في ضمن توصيفات الديمقراطية وبنائها، فبإسقاطه على تجارب من سبقونا بالعمل الديمقراطي في أمم أخرى، نجد أننا قد سلكنا مذهبا في العمل السياسي، يمكن تسميته بأستبداد الأقليات الديمقراطي..
أدواته هذا الإستبداد تتمثل بالأحتكام الى الشارع، لحل المشكلات ونيل المطالب، والتظاهرات والإحتجاجات الراهنة مصداق لذلك.
الأقليات لدينا، وأعني بالأقليات بكل تنوعاتها، المكوناتية والدينية والمذهبية والطائفية والسياسية، نالت حظوظا من التمثيل في مؤسسات الدولة وتشعباتها، أكثر من إستحقاقاتها، ما مكنها من أن تهيمن على الفعل السياسي، وبل وتصادر قرار الأغلبية..!
لقد قفزت الأقليات عندنا؛ من القبول بتوصيفها على أسس عددية، أو وفقا لكمها الجمعي، بل هي لا تقبل إلا بالتوصيف المكوناتي، وترفض أسم الأقلية وتتمسك بتسمية المكون، كي تقف على قدم وساق، وعلى مساحة تشبه بالضبط ،المساحة التي تقف عليها الأكثرية..!
الحال إننا في وضع غريب، تقف فيه الأقليات؛ ليس على الحجر الذي تحت أقدامها، بل هي فعلا تقف على أحجار لا تمتلكها أصلا، وهي أما أحجار الأغلبية، وهذا على الأعم الأغلب، أو أحجار بعضها بعض، وهو أمر لم يحصل إلا في حالة أو حالتين، لسنا في وارد تشخيصهما في هذه المرحلة من الكتابة...
هذا الوضع أنتج نوعا من الساسة، لا يكتفون بالزاد الذي في ماعونهم، بل هم يتطلعون دوما الى أناء الأغلبية السياسي، وبالضرورة سيكون ثمة تزاحم سياسي، تتسلسل عنه صراعات، نموذجها هذا الذي نشهده..!
وتصاحب هذا المشهد الصاخب، ظاهرة تفردنا بها عن غيرنا، إلا وهي ظاهرة كثرة القادة والرموز..!
أذا كانت الأغلبية تشهد تخمة في السياسيين، وأزدحاما على طريق تبوء المواقع المتقدمة، لأنها مواقع يسيل لها اللعاب، فإن ساحات الأقليات المكوناتية والسياسية، تشهد شيئا متفردا ليس كمثله شيء، ألا وهي أن معظم العاملين في الحقل السياسي، يرون في أنفسهم قادة؛ بل ورموز وطنية..!
هذا ما يفسر بعضا من جوانب تعقد خيوط الصراع في الساحة السنية...
كلام قبل السلام: وللحديث بقية سنتحدث فيها بشيء من الجرأة عن أين كان هؤلاء أيام مقارعة الطغيان الصدامي؟..!
سلام...
https://telegram.me/buratha