المقالات

الخرسان بين التدين والعلمانية / محمد باقر الزبيدي

1995 2015-10-27

منذ بدء التظاهرات التي خرجت ضد الفساد والمفسدين، وهناك حرب علنية بين العلمانيين والمتدينين، حرب إعلامية في الظاهر، لم تصل الى حالة كسر العظم بينهما، بسبب خطورة الوضع الأمني في العراق؛ بسبب تنظيم داعش الإرهابي، والذي يقاتله أبطال الحشد الشعبي (وقادته المتدينين)، وكذلك الأزمة المالية وضعف الخدمات المقدمة للمواطن، بسبب فساد الوزراء الذي تسنموا الوزارات الخدمية، وتحديدا الكهرباء (أغلبهم تكنوقراط).
صعود السيد العبادي على رأس السلطة التنفيذية، شابه كثير من اللغط، بسبب كونه كان في الدورات النيابية السابقة مسؤول اللجنة المالية، وهو يعرف مكامن الفساد، فلماذا لم يتحدث طيلة تلك الفترة، هل كان جزءاً من الفساد في تلك الفترة؟ طبعا نحن نتمنى أن يكون العكس صحيح، لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه!
يرمي العلمانيون بجريرة الفساد على الإسلاميين الجدد، بسبب كونهم من يتصدى للحكم في العراق، حزب الدعوة، التيار الصدري، المجلس الأعلى، الحزب الإسلامي، وبقية الأحزاب الدينية، وينسى هؤلاء أن أغلب القيادات الإدارية في الوزارات هم تكنوقراط، وعلمانيين وشيوعيين وحتى بعثيين، من ثم فإن إتهام الأحزاب الدينية بسرقة أموال الشعب؛ تهمة لا تخلو من مبالغة وغلو في ذات الوقت.
بمراجعة بسيطة الى وزارة الكهرباء، نجد أن وزرائها كلهم تكنوقراط، وعلى دراية بعمل هذه الوزارة، بدءاً من أيهم السامرائي (القائمة العراقية) الذي سرق مليارين دولار من وزارته، مرورا بكريم وحيد، وليس إنتهاءاُ بالوزير عبد الكريم عفتان، أما إذا راجعنا بقية وزراء القائمة العراقية (بعثية علمانية بإمتياز) نجد أن وزراءها عليهم شبهات فساد كبيرة، من حازم الشعلان وزير الدفاع الأسبق، والمتهم في قضايا تتعلق بتسليح القوات العراقية، ووزير الداخلية الأسبق نوري البدران، والمتهم أيضا بقضايا فساد تعلق بتسليح القوات الأمنية في الوزارة.
بملاحظة أن أغلب هذه الأسماء تمتلك الجنسيات البريطانية أو الأمريكية، وهو شيء مخالف للدستور، وما زال كثير من الوزراء والنواب يحتفظون بالجنسية الثانية، وهو مخالفة دستورية.
كلف السيد رئيس الوزراء عماد الخرسان (أمريكي الجنسية) لمنصب الأمين العام لمجلس الوزراء، خلفا للسيد مهدي العلاق، بملاحظة أن السيد الخرسان لا يتمتع بمقبولية لدى أغلب الكتل السياسية، عدا عن كونه أحد أعضاء الحزب الجمهوري، فهو أيضا يتمتع بعلاقات مع وكالة الإستخبارات الأمريكية ووزارة الخارجية الأمريكية، المهم هنا أن العلمانيين يؤيدون وجود السيد الخرسان (مزدوج الجنسية) ولا يؤيدون آخرين (مزدوجي الجنسية) لأنهم متدينين!
السيد الخرسان شيوعي سابق، مع أنه لم ينسى إرث أسرته الديني، يحاول أن يمسك العصا من الطرف القوي، وليس من الوسط، فهو يحاول أن يتكئ على البعد الأمريكي في المعادلة العراقية الصعبة، وينسى وجود أرقام مؤثرة في هذه المعادلة، ذلك لأن العراق لا يمكن أن يكون تابعا لجهة مهما كان قوتها وسطوتها، من خلال عملائها المنتشرين في جسد العراق، لأنه سيأتي اليوم الذي يلفظ هذا الجسد، تلك الأدران المتعلقة به، أما القبول العلماني للسيد الخرسان، فلا يعدو أكثر من زوبعة في فنجان، سيصحو عليها أولئك الذين يطبلون له، بعد أن يستفيقوا على أن ما كانوا يتمنونه لم يكن إلا سراب في بقيعة يحسبها الظمأن ماءاً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابا احمد اللامي
2015-10-27
انه لقلم مميز ... dsتدرك به الوعي والوطنية والتبصر في الحاضر ومشاهدة المستقبل ... وفقكم الله في تنوير الامه...
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك