يمثل ظافر العاني، نموذج سيء، من النماذج التي تسلقت دون وجه حق، إلى واجهة المشهد السياسي العراقي.
العاني المعروف بانتمائه البعثي، وولائه المخابراتي، حين كان منتسبا لجهاز المخابرات الصدامي، بقي بعد التغيير يحن إلى ماضيه الأسود، فهو من خريجي وتدريسي معهد القائد المؤسس، هذا المعهد لمن لا يعرفه، هو معهد لتخريج أكاديميين بفكر صدامي، لا يقبل التغيير، إذ كانت الدراسات فيه، تتناول فكر المقبور، وكيفية إدارته للدولة، وكان المعهد ومن ينتمي له، يعتاشون على الأكاذيب، وتزيين صورة القائد الرمز بنظرهم.
عُرِفَ العاني بتقلبه في آراءه، حسب مصلحته،ِ موجِدا مبررات لهذا التقلب، فالعاني -المنظر القومي- هذا يلعب كثيرا على وتر الطائفية، ويؤجج حالة الصراع والإحتقان السياسي، ليحقق مكاسبه المريضة.
عند إعلان إمريكا قرارها دخول العراق، وتغيير نظام صدام، كان العاني من الرافضين لهذا الإعلان، وكان ناشطا في الدفاع عن نظام صدام، من خلال مقابلاته في قنوات الجزيرة، وأبو ظبي وبرنامجها "جسور" والذي كان يقدمه جاسم العزاوي.
يقول أحد الكتاب " ظافر العاني فقاعة إعلامية، وليس برجل سياسة حقيقي، قدراته إعلانية لا عملياتية، وهو من النوع الذي صنعته شاشة التلفزيون، وليس مخاض تجارب حقيقة".
بعد سقوط نظام البعث، -وكما قلنا بان العاني متقلب الآراء- عاد العاني ليجد له موطئ قدم في العراق الجديد، وفعلا تم له ذلك، وأصبح نائبا في البرلمان العراقي، في أول إنتخابات تشريعية عن قائمة التوافق السنية، والتي حصلت فيها القائمة على 44 مقعدا، مبررا دخوله هذا امام شاشات الإعلام بأنه " لا يريد أن يعطي الآخرين فرصة التفرد".
ثم بعد ذلك حاول العاني اللعب على وتر القومية، حيث كتب مقالا يدعو فيه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، لضرب الأكراد، وفك ما أسماه (التحالف الشيعي- الكردي)، "واصفا هذا التحالف بالمشبوه والمضر بمصالح السنة".
كان العاني رافض لمشروع الأقاليم، ولكنه كالعادة غير موقفه، ليطالب اولا بالانفصال قائلا "إن من يحكم العراق طائفي، ولابد للسنة من الأنفصال مرغمين لا مخييرين"، ثم تغير موقفه، وعاد ليقول بالأقلمة، حيث قال: " أصبحت الناس تفكر بما هو أقل من الإنفصال، لتجنب الحرب الأهلية، وهي العودة لفكرة الأقاليم الفدرالية، التي كان السنة العرب يرفضونها، خوفا من تطور الأوضاع في العراق".
بقي العاني في تلونه، حتى بعد أن تم شموله باجتثاث البعث لانتخابات عام 2010، وبدأ بتهريجه الإعلامي المعتاد، وصار بطلا على شاشات الفضائيات، معتمدا على الزخم الإعلامي للجهات المعادية للعراق، وجاءت محاولته هذه بثمارها، حيث تم بوثيقة أربيل سيئة الصيت، بين البرازاني والمالكي، - وكجزء من متطلبات الولاية الثانية- رُفِعَ الاجتثاث عن العاني، واثنين من رفاقه، هم صالح المطلك، وجمال الكربولي، بتاريخ 18122010.
إستعد العاني لإعادة ترتيب أوراقه الطائفية، وإيقاظ حنينه لعشقه القديم -البعث- وسارع للظهور الأعلامي، للتهجم على العملية السياسية، والتي هو جزءا منها، ووصفها بالطائفية، ويتباكى على حقوق السنة المسلوبة كما يدعي.
فرح العاني بدخول داعش للعراق، ففتل شاربه، وعدل هندامه، ظانا قرب أفول النظام العراقي الجديد، وصار يحلم بتسيد الموقف، لكن بكلمة واحدة من سماحة المرجع الأعلى السيد السيستاني، وصدور فتوى الجهاد الكفائي، وتشكيل الحشد الشعبي تحطمت أحلام هذا الطائفي البغيض.
تشكيل الحشد الشعبي، وتحقيقه للإنتصارات، أثار حفيظة ظافر، وصار يتهجم علنا على فصائل الحشد، وكان تصريحه الأخير بعد تحرير الرماري، الأبرز والأكثر شهرة، حيث وصف عملية التحرير، بأنها نظيفة، لعدم مشاركة الحشد الشعبي فيها.
يبدو إن العاني، نسيَ إن العمود الفقري للجيش، هو من أبناء الوسط والجنوب، وهم من نفس بيئة أبناء الحشد، كما نسيَ إن الدعم اللوجستي، والتغطية التكتيكية، هي من فصائل الحشد الشعبي، والتي قطعت إمدادات داعش من جميع المحاور.
لا عتب على العاني ومن لف لفه، العتب على من أرجعه ورفع الإجتثاث عنه، لمكاسب شخصية.
https://telegram.me/buratha