المقالات

التهدئة والاجراءات المدروسة الحازمة.. وليس التسريبات وبالونات الاختبار

2740 22:03:02 2016-02-28

تمر البلاد بظروف معقدة وحساسة.... وهناك الحرب المشروعة ضد "داعش".. وهناك وحدة البلاد وسيادتها.. وهناك الدعوات المشروعة للاصلاح.. وهناك أمن النظام العام ومستقبله.. وهناك اخيراً وليس اخراً ترميم العلاقة بين القوى السياسية والشعب، وبين المكونات العراقية. لذلك فأن الموقف حساس بالنسبة لجميع الاطراف.. وان اطلاق التصريحات او اعلان سياسات او قرارات مستعجلة سواء من السياسيين او الاعلاميين او من المؤسسات الرسمية هو امر فيه مسؤولية كبيرة.. فهناك امور اذا ما هدمت فلن يتسنى ترميمها.. ومواقف ان اعلنت سيصعب التراجع عنها.. وذلك كله يتطلب الحذر والحيطة والانضباط.. وسعي جميع الاطراف للنظر الى الاولويات، فلا تزغ نظرها عنها عند معالجة الامور الاقل اهمية.. وان تنظر الى نفسها وتحملها مسؤولياتها، قبل النظر الى غيرها في سلوكيات، لم تتوقف في تبرأة الذات وتحميل الاخرين المسؤوليات.

في العراق ومهما كانت صعوبات العمل المؤسساتي ومشاكله لكن لا بديل عن تدريب انفسنا عليه.. فان لم نسعَ لممارسته في وقت الازمات، فاننا لن نعمل به في اوقات الهدوء، وسنبقى عشاق العمل الفردي والسلوكيات الانوية، ليس لصالح تحققه لنا، بل لاننا ببساطة اعتدنا على هذه الامور، فصرنا نبررها وننظّر لها.. وفي العراق ومهما كانت صعوبات العمل الدستوري والقانوني ومشاكله لكن لا بديل عنه.. فلا امكانية -ان اردنا الانتقال لمرحلة بناء الدولة والمجتمع- للعودة للسياسات الثوروية او الشخصية، وبقائها كاساس لعمل المؤسسات والمسؤولين. فالكلام ان العراقيين فوضويون ولا يحبون النظام ولا تضبطهم الا القوة هو اهانة للشعب، وشرعنة لعهود الظلم، وقياس تمرد الناس على جبابرتهم، وكأنه حب متأصل للعراقيين لممارسة العنف. فلنؤسس دولة كريمة ترعى حقوق المواطن والوطن.. ولتضبط الدولة سلوكها وتتبع النظام والعدالة مع الناس، عندها يمكن الكلام عن طبيعة العراقيين وخصائصهم.

هناك حملة تشن ضد الدستور والحكومة والبرلمان والحكومات المحلية والمسؤولين، والسياسيين عموماً.. في هذه الحملة يختلط الحابل بالنابل، والمخلص والمسيء.. وتستخدم حقائق واكاذيب، واشاعات وفبركة تقارير.. وتفسيرات مضخمة هدفها تسقيط مجمل الوضع وليس الاصلاح او التصحيح، او ملاحقة المفسدين والمجرمين.. وهذا خطر كبير. وخوفنا ليس من المنافقين واعداء الوضع، بل خوفنا من المخلصين والمواطنين.. فهناك سلوك يروج هذه الامور ما دامت لا تمسه بل تمس منافسيه.. بل هناك من يروج لخلط الاوراق فتختفي اوراقه المشبوهة بكوم هائل من الاوراق.. فنحن جميعاً سنعمل ضد مصالحنا اذا ما ساعدنا هذه السلوكيات المخربة التي تشكك بالجميع، وتتهم الجميع وتسعى لاسقاط الجميع.

لن نستطيع عمل شيء ان لم يغير المسؤولون والقوى السياسية سلوكهم، ويتقوا الله في بعضهم البعض.. ويعملوا على تهدئة الاوضاع، ومخاطبة العقول، ودفع البلاد للتقدم.. لا ان يشعلوا المزيد من الحرائق، ويزبدوا ويرعدوا عند اي خبر او تسريب او اشاعة.. وان يدرسوا القضايا ويتخذوا المواقف المسؤولة، التي في جزء منها حماية الاخرين، فهذا ما سيرسي تقاليد عمل نظيفة وسليمة وعادلة تحمي المجتمع من الجريمة والفساد، وتحمي المواطنين من الظلم والاتهامات الباطلة، وتسمح بفرز حالات الفساد والخلل واتخاذ الاجراءات الصحيحة منها. فلقد داوى امير المؤمنين عليه السلام بنفسه من اقام عليه حد السرقة، كما تنقل الروايات، وهذا دليل اهمية دقة الاجراءات ومعرفة حدودها والرحمة والشفقة، حتى عند تطبيق العقوبة.. فاين نحن من هذه السلوكيات التي لو استطعنا نشرها والاهتداء بها لمنعنا الفوضى الجارية، والاتهامات المتبادلة، وهذا الضجيج والصراخ الذي تضيع فيه الحقيقية، فيمتلىء الواقع بالكذب والغش والاشاعات. عندها نتحول جميعاً الى اعداء انفسنا، وتظهر من جديد لغة "السحل" و"الحرق" والحقد ورمي الناس بالباطل، وهذه كلها، مررنا بها ودفعنا اثمانها مرات، ولم تصلح شيئاً، ولن تؤسس لمجتمعات صالحة، بل لمزيد من الفساد والفوضى والخراب.

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك