قاسم العجرش
يوم دخلت قوات الأحتلال الأمريكي الى العراق، كانت سرفات دباباتها تنهب الأرض نهبا، وبدت الصورة؛ وكأن البلاد خالية من جيش، يقف لسويعات على الأقل.
كانت دبابتان فقط من نوع الأبرامز، قد دخلتا الى بغداد، حيث وصلتا أولا الى تقاطع ام الطبول، ثم توجهتا الى قرب مستشفى اليرموك حيث وقفتا قليلا، ثم ما لبثتا أن واصلتا سيرهما ال عمق المدينة، حيث توقفت إحداهما فوق جسر الجمهورية، تماما في وسطه، لتطلق طلقة الأنتصار المزعوم، على فندق الشيراتون..
حصل ذلك؛ في لحظة التي كان فيها محمد سعيد الصحاف، وزير أعلام صدام يعقد مؤتمرا صحفيا، يتحدث فيه عن هزيمة "العلوج"، وهو الأسم الذي أطلقه على القوات الغازية.
هذه المقدمة الإستعادية، لنبين أن المحصلة النهائية لما جرى في العراق، كانت خروج قوات الأحتلال الأمريكي عام 20011، بطريقة معاكسة تماما، للطريقة الأستعراضية التي دخلت فيها، لأنها لم تعد قادرة على البقاء ساعة واحدة أكثر، وأكتشفت أن ثمن البقاء، سيكون أكثر تكلفة من ثمن الأحتلال، وأكتشفت أيضا، أنها لم تعد قادرة على الأدارة المباشرة، لعملية التحول التاريخي في المنطقة، والذي جائت الى العراق من أجله.
بالنتيجة فإن الحقيقة تفيد؛ بأن كثير من مفاصل العملية السياسية في العراق، خرجت عن يد المحتل، تلك العملية التي تصور أنه أحكم تصميميها، وفقا لمتطلباته وأحتياجاته وأهوائه؛ لتخدم مصالحه.
النتائج لم تكن مثلما أراد المصمم، وتحولت أتجاهات الريح، بما لا يخدم أبحار السفينة بربان أمريكي، كما أن المؤشرات والمعطيات في المنطقة، أعطت مؤشرات الخروج عن السيطرة، و"الثورات" التي مكننتها، آلات التخطيط الستراتيجي الغربية والأمريكية، خرجت هي الأخرى عن التحكم والسيطرة..ولذلك يجري اللجوء حاليا، نحو الإدارة بطريقة لسيت مباشرة، أي الإدارة من خلال إيدي بقفازات..!
تستعيد ذاكرتنا وإياكم أيضا، أنه في مصر الثورة تعيد بناء أولوياتها، وثبت للثوار أن العسكر ليسوا حماة للثورة، أنهم حماة لأنفسهم وأمتيازاتهم، وها هي تذهب نحو الديمقراطية بثبات، وليبيا ما بعد القذافي، حمم يصيب شررها، أماكن ابعد من ليبيا بآلاف الكيلومترات، اليمن مستنقع الداخل فيه مفقود، والخارج منه مولود، سوريا يبحثون فيها عن سبيل للخروج من مأزقها.. في العراق؛ داعش على وشك الإضمحلال والذوبان..
هذا يعني ان تخطيطهم خاب، وأنهم قد خسروا ولكنهم لم يعترفوا بالهزيمة بعد، ولذلك فهم يعملون بمعونة آل سعود وبقية دشاديش الخليج، على إغراق العراق تحديدا، بحالة واسعة من الفوضى وإنعدام الوزن.
كلام قبل السلام: الحقيقة أن صراعات المرحلة المقبلة، التي يراد لها أن تنشب هنا في العراق، ستأخذ نمطا جديدا، هو نصارع بعضنا بعض، بطريقة تراكمية، حيث كل عراقي يصارع كل العراقيين!
سلام...
https://telegram.me/buratha