المقالات

ديمقراطية من النوع النتن..! / قاسم العجرش

1958 2016-03-26

قاسم العجرش

الديمقراطية لا تنشأ بلمسة سريعة من عصا سحرية، ولا تبنى بقرار فوقي يصدره الكبار، فهي قبل ذلك ثقافة، ينبغي أن تسود في المجتمع ويتفهمه ، وقبل ذلك كله يتوجب أن تؤمن بها القوى السياسية، العاملة على الساحة الوطنية، وبخلافه ستتحول الديمقراطية، من أسلوب للحكم؛ يفضي لبناء وطن تسوده قيم الكفاية والعدل، ألى طريق للوصول الى السلطة، عبر آليات الديمقراطية، وتكون السلطة هي الهدف النهائي..

مناسبة هذه المقدمة؛ ما نراه فاشيا في أجهزة الدولة، وفي مفاصلها العليا بالتحديد، من إشغال تلك المفاصل، بناءا على الولاءات الحزبية والسياسية والشخصية، وليس بناءا على الكفاءة المرتبطة بالإستحقاقات الإنتخابية، والتوازن السياسي والمجتمعي.

نقول التوازن السياسي والمجتمعي؛ وليس التوازن المكوناتي أو الطائفي؛ إذ أن الدولة لم تول أحدا منصبا تنفيذيا أو تشريعيا، في المحافظات من غير سكانها، لكنها أستطاعت وبخفة الحاوي وساحر السيرك، أن تول مناصب رفيعة، في مفاصلها التنفيذية والتشريعية والقضائية، وفقا لإتفاقات الغرف المغلقة، أو بناءا على إجتهادات الكبار، أو قسرا بتنفيذ  فكرة التغالب، التي طحنت الإدارات العامة، وصيرتها مراتع للفاشلين والفسدين والإمعات!

لقد رسم الدستور طرقا محددة، لإيلاء المناصب العليا الى من يستحقها، وكان هذا موضوع نقاشات حادة، ونزاعات سياسية واسعة، بين الحكومة السابقة والكتل السياسية، بل كان من بين أهم متبنيات معظم الكتل، في إطروحتها الأنتخابية لنيل ثقة المواطن في الأنتخابات المنصرمة، بيد أن شيئا على الأرض لم يتغير، إن لم يكن قد تعزز بالنهج الإستحواذي، الذي تفكر به، وتنتهج سبله الطبقة الحاكمة.

ماذا يعني ذلك؟!

ببساطة شديدة، فإن الطبقة السياسية الحاكمة، ووفقا للمعطيات على الأرض، متهمة بإنتهاكات كبرى وخطيرة للدستور، ففيما خلا التشكيلة الوزارية، لم يعرض أي منصب، سواء في أجهزة الدولة، أو في الجيش والقوات الأمنية، من تلك المناصب التي أوجب الدستور، أن تعرض أسماء مرشحي إشغالها، على مجلس النواب للتصويت عليها، بالموافقة شأننا شأن دول العالم، التي سلكت الديمقراطية مسلكا لإدارتها.

إن بقاء إدارات الدولة؛ وهي تدار بالتوكيل والتكليف، يعني إرتهان المنصب ومن يشغله، بيد الموكِل أو المكلِف، وهذه هي البوابة الأوسع للفساد، وللديكتاتورية المغلفة بغلاف الديمقراطية.

يمكن وصف الصورة الراهنة، بإنها ملتقطة لشكل بدائي جدا، من أشكال الديمقراطية، حيث يحق فيها، للمواطن التشكي والتوجع، بل والصراخ بوجه الحاكمين في إحيان قليلة، ولا شيء غير ذلك!

كلام قبل السلام: مشكلة نظامنا السياسي أنه ديمقراطي، لكن ديمقراطيته من النوع النتن..!

سلام....

 

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك