المقالات

كُونُوا عِنْدَ المُنْكَسِرَة ِقُلُوبُهُم تَعُمُرُ (القَنَفَةِ)

1505 00:35:28 2016-05-16


   بعثَ ليَ اليوم نائبٌ في مجلس النوّاب رسالةً بالايميل عنوانُها (زرتُ مجلس النوّاب اليوم ورأيتُ هذا) فتحت الايميل فوجدتُ الرّسالة تحملُ عدداً من الصّور لمجموعة من الكراسي المقلوبة على وجهها وأُخرى (مخدوشة)!.
   فأجبتهُ بما يلي؛
   ان شاء الله سيادة النّائب يزور بيوتَ الفقراءِ، وكذلك ينقل لنا صوراً من هناك لنطمئنّ انّهُ وَفى بوعدهِ لهم عندما قال لهم في حملتهِ الانتخابيّة انّهُ سيمنح كلّ فقيرٍ قِطعة أَرض وسلفة ماليّة لبناءِ دارٍ تأويهِ وعائلتهِ واطفالهِ من حرّ الصّيف وبرد الشّتاء.
   طبعاً شعرتُ من بقية تعليقهِ على الصّور وكأنّهُ يُرِيدُ ان يجهش بالبكاءِ حُزناً على عددٍ من مقاعد البرلمان حطّمها (الشّعب).
   ولو كنتُ أعرفُ ان منظر (قنفةٍ) مخدوشةٍ تذّكرُهم بهَيبة الدّولة لدعوتُ النّاس الى تحطيم كلّ القنفات والكراسي من زمان!.
   هو زعلانٌ على الكُرسي، وانا زعلانٌ ممّن يجلس عليه! وهو زعلانٌ على مقعد البرلمان وانا زعلانٌ على من أجلسهُ عليه.
   لم أَتذكّر أَبداً انّ مسؤولاً في الدّولة العراقية بعث لي يوماً صورة طفل بريء ضائع في تقاطُعات شوارع العاصمة بغداد يحاول ان يغسل سيارات المارّة ليستدرّ عطفهم بدُريهِمات يعود بها الى أسرتهِ اليتيمة ليسدّ بها رمقها! لانّ جلّ أطفالهم يعيشون في عواصم الجوار او في عواصم الغرب!.
   لم أَتذكّر أَبداً انّ مسؤولاً في الدّولة العراقية بعث لي صورة لمستشفى خرِبة يُعالُج فيها الفقراء، لانّهُ يعالجُ (نشلتهُ) في عواصم الدّول المتطوّرة!.
   لم أَتذكّر أَبداً انّ مسؤولاً في الدّولة العراقية بعث لي يوماً صوراً لصفٍ مزدحمٍ بالتّلاميذ في مدرسةٍ يجلس فيه الطلاب على رحلاتٍ محطّمة او على الأَرْضِ، لانّ أولادهم يدرسون في أرقى المدارس والجامعات في بلادِ الغرب!.
   لم أَتذكّر أَبداً انّ مسؤولاً في الدّولة العراقية بعث لي صورة الذين يعيشون في العشوائيات مثلاً او صور لنساءٍ واطفالٍ يبحثون عن لقمةِ عيشهم في مكبّات الزّبالة، او صور عوائل تقضي الّليل والنهار مستخدمةً المهفّة الشعبيّة في بيوت الصّفيح او الطينيّة بسببِ انقطاع التيّار المهربائي، لانّهم يعيشون في المَنْطَقَةِ الخضراء ويجلسون على أرقى موائد الطّعام والكهرباء مؤمّنة عندهم (٢٤) ساعة!.
   كلّ تلك الصّوَر لم تحرّك في شواربهم شعرة، الا انّ كل شواربهم اهتزّت لمنظر كرسي مقلوباً! او قنفةٍ مخدوشة!.
   يا بِئسَكُم!.
   صحيح قيل انكّ [اذا لَمْ تستح فافعَل او قُل ما شِئتَ] ولكنّني بصراحةٍ لم أتوقّع الى هذه الدّرجة، خاصةً من (زعماءٍ) يقولون أَنّهم ينتمون الى عليّ بن أبي طالبٍ (ع) الذي يقول {وَلَوْ شِئْتُ لاَهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ، إِلَى مُصَفَّى هذَا الْعَسَلِ، وَلُبَابِ هذَا الْقَمْحِ، وَنَسَائِجِ هذَا الْقَزِّ، وَلكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الاَْطْعِمَةِ ـ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوِ بِالْـيَمَامَةِ مَنْ لاَطَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ ـ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: 
   وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَة   وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ.
   أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ! فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِها، وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا، أَوْ
 أُتْرَكَ سُدىً، أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلاَلَةِ، أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ}.
   يا جماعة الخير؛
   إِنزعوا عمائمكُم واخلَعوا رداءَ التّقوى وضعُوا تيجانَ المفاخرةِ بالّدين والمذهب وضعوا الهويّة جانباً وافعلوا ما شِئتم، فلقد بِتنا نتوقّع منكم كلّ دِقاقٍ كما وصفكُم أَمير المؤمنين (ع) بقولهِ {أَخْلاَقُكُمْ دِقَاقٌ، وَعَهْدُكُمْ شِقَاقٌ، وَدِيْنُكُمْ نِفَاقٌ}.
   ستُصلحونَ (القنفة) المكسورة من بيتِ المالِ، ولكن؛ من سيُصلح قلوب الأيتام والأرامل المكسورة؟.
   ايّها الزّعماء، أَصلِحوا قلوب المستضعفين المكسورة فسيُصلحُ الله تعالى كراسيكم المحطّمة بفسادِكم وفشلِكم ودجلِكم ونفاقِكم، وستستعدِل مقاعدكُم المقلوبة على وجهِها بفعلِكم المشين، فلقد قال الله تعالى في الحديث القدسيّ عندما سألهُ أَحدَ أنبيائهِ؛ أَين أجدكَ يا ربّ؟ قال تعالى {أَنا عِنْدَ المنكسرةِ قلوبهُم} ولذلك كان رَسُولُ الله (ص) كلّما همَّ بغزوةٍ او حربٍ جمع الفقراء والمساكين والنّساء والأطفال والعجائز تحتّ السّماء وطلبَ منهم ان يدعوا لهُ الله تعالى بالنّصر.
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك