أسعد كمال الشبلي
من الطبيعي أن يكون الاعلام بوصفه (سلطة رابعة) كاشفا ومعريا لملفات الفساد التي تكتشف خيوطها لعرضها على الرأي العام بعدة طرائق وأساليب، ولكن حينما تطلق تسمية (السلطة الرابعة) على الاعلام لابد لهذه السلطة أن تلتزم بأخلاقيات ومبادئ اعلامية لكي تكون وظيفتها رسالية ومهنية ومحترمة.
إن طبيعة التقاطعات الحزبية والازمات السياسية قد ولدت سلوكيات اعلامية مؤدلجة وفق المصالح الفئوية الضيقة لهذا الحزب أو ذاك وأصبحت البرامج التلفزيونية المتشنجة مادة دسمة توفر عددا أكبر من المشاهدين.
مالاحظناه في السنوات الاخيرة بروز عدة سلوكيات اعلامية في طرح الملفات السياسية للنقاش وعرضها أمام الرأي العام ومن أبرز هذه السلوكيات هو ما أسميه ب (برامج المصارعة السياسية الحرة) ! فعندما يبدأ المساء غالبا ماتجد هذه البرامج معروضة بكثرة في غالبية القنوات العراقية ممن تحرص على استضافة السياسيين والمحللين المتشددين في الطرح والمنغلقين في الحوار، ومن كتل متقاطعة في ملف أو أزمة ما، فتبدأ المنازلة وتعلو اﻷصوات وتتفاقم المزايدات فتجدهم بارعين في استهداف بعضهم البعض وعاجزين عن تقديم رؤية أو حل للمشكلة التي يزعم معد ومقدم البرنامج معالجتها!
وهناك سلوك آخر وخطير يبتعد كل البعد عن المهنية والموضوعية وهذا مانسميه ب (برامج الهرج والتشهير)، وهنا تركز القناة على اختيار مقدم للبرنامج يملك كاريزما جيدة وقدرة على التلاعب في الالفاظ لتسقيط جميع المتصدين السياسيين أو أن تكون نبال التشهير والتسقيط موجهة لسياسي معين أو جهة معينة لتصفية حسابات خاصة أوتنفيذ توجيهات أجندات خارجية توفر مخصصات مالية دسمة تغري فقير المبادئ وتفسده الضمير وتفقده البصيرة، وغالبا مايكون اعداد هذا النوع من البرامج مبنيا على أساليب الفبركة للفيديوهات والصور وتزوير الملفات وغيرها من الاساليب الفاسدة.
ان هذه البرامج لايمكن أن ندرجها ضمن البرامج التلفزيونية البناءة ولا يمكن لها من أن تعالج أي مشكلة بهذا الاسلوب بل أنها تزيد الطين بلة وتضاعف المشكلة وأحيانا تخلق مشاكل وأزمات أخرى والمتضرر الوحيد هو المشاهد البسيط المغلوب على أمره من الذين يظنون أن المواقف الحقيقية للمتصدين يظهرونها في تلك البرامج بينما هي تطرح خلف الابواب المغلقة وفي غرف تقاسم الكعكات، وأما مايطرحونه هنا فهدفه الاساس هو استمالة التأييد الجماهيري من قبل أبناء مكوناتهم وطوائفهم،ليوفر لهم ذلك أصواتا أكثر في الانتخابات ليستمروا في خديعة جماهيرهم مقابل المناصب والإمتيازات !
بعد كل هذا يمكننا أن نعد السلطة الرابعة في العراق بأنها سلطة أصيبت بالفساد أيضا فكيف ترشد السلطات اﻷخرى وتكشف فسادها ؟! وكيف لها أن توفر الحلول وهي من تختلق المشاكل ؟! ففاقد الشيء لايعطيه.
إعلامنا وإعلاميينا بحاجة ماسة الى مراجعة اﻷداء وتصحيح المسار.
https://telegram.me/buratha