قاسم العجرشqasim_200@yahoo.com
أثار عمود "الواح طينية" المنشور يوم 29ـ5،2016، والمعنون بـ " الوسطية والإعتدال وموقع الحق منهما..!" جملة من الملاحظات والإعتراضات، لبعض القراء الأعزاء، ولبعض السياسيين ايضا، بعض هذه الملاحظات كانت مع، وغيرها كانت ضد، ومنها ما كانت تريد التوسع بالموضوع، وأخرى لم تقرا جيدا ما كتبناه، فتصور مرسليها أني أقصد شخصيات بعينها، وحسبي أن هذه الأعتراضات والملاحظات، تدل على مدى تفاعل المتلقي مع الموضوع المثار.
لقد تحدثنا في تلك المقاربة بوضوح، عن الفرق بين الوسطية والأعتدال، وتوصلنا الى انهما ليسا من سنخ واحد، وأن الوسطية تعني اللاموقف، وأنها ليست مع وليست ضد؛ ليست مع الباطل ولكنها ليست مع الحق، وهو حال سلبي، وأن الإعتدال موقف يتوخى العدل، باحثا عنه لتحقيق العدالة، وهو رفض ومقارعة للباطل وهو شأن إيجابي؛ تلك كانت الخلاصة..
بيد أن بعضهم اصر على أن الإعتدال يعني الوسطية، وهو تفسير يشبه من يعتقد أن المساواة تعني العدل، وهو أعتقاد باطل شكلا ومضمونا، لأن المساواة في غير موضعها، أفدح أشكال الظلم.
في صدد الأجابة؛ أنقل لكم النص التالي، وهو واحد من روائع جبران خليل جبران الفلسفية، وستجدون في النص حكمة، أراد جبران أن يعبر عنها عن مفهوم الوسطية والوقوف في منتصف الأشياء!
يقول جبران:
"لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت، لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل!
إذا صمتّ؛ فاصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت؛ فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت، إذا رضيت فعبّر عن رضاك، لا تصطنع نصف رضاً، وإذا رفضت فعبّر عن رفضك، لأن نصف الرفض قبول..!
النصف هو حياة لم تعشها، وهو كلمة لم تقلها، وهو ابتسامة أجّلتها، وهو حب لم تصل إليه، وهو صداقة لم تعرفها!
النصف هو ما يجعلك غريباً عن أقرب الناس إليك، وهو ما يجعل أقرب الناس إليك غرباء عنك، النصف هو أن تصل وأن لا تصل، أن تعمل وأن لا تعمل، أن تغيب وأن تحضر؛ النصف هو أنت، عندما لا تكون أنت، لأنك لم تعرف من أنت.
النصف هو أن لا تعرف من أنت، ومن تحب ليس نصفك الآخر، هو أنت في مكان آخر.
في الوقت نفسه؛ نصف شربة لن تروي ظمأك، ونصف وجبة؛ لن تشبع جوعك، نصف طريق؛ لن يوصلك إلى أي مكان، ونصف فكرة؛ لن تعطي لك نتيجة، النصف: هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز.
إنك لست نصف إنسان، أنت إنسان وجدت كي تعيش الحياة، وليس كي تعيش نصف حياة"
كلام قبل السلام: الوسطية تعني أنك نصف أنت..!
https://telegram.me/buratha