المقالات

الحقيقة المكبلة/ أسعد كمال الشبلي

2329 17:02:20 2016-07-06

في المدينة الصغيرة توجد شوارع رئيسية وتتفرع منها شوارع فرعية وهكذا يستمر التفرع مرورا بالقطاعات وانتهاء باﻷزقة، ولم نرى يوما أن زقاقا تمدد أكبر من مساحته ليخترق قطاعات أخرى،حقيقة مفادها أن لكل شيء في المدينة مساحة، ولكل مساحة حدود تنتهي عندها لتتكامل مع مساحات أخرى لتكون حقيقة المدينة.

لنعكس هذا المثال على واقع مجتمعاتنا العربية بشكل عام ونرى بوضوح كم أن مساحاتنا متداخلة مع بعضها البعض، فمساحة المذهب تريد أن تكتسح مساحة الدين! ومساحة القومية تروم اكتساح مساحة الوطن واﻷدهى من ذلك أن مساحة حزب صغير تحاول أن تمﻷ جميع المساحات!
إن هذه المغالطات في فهم المساحات نتيجة لعدم الاعتراف بثقافة اﻷختلاف التي تحدد لنا أين تنتهي مساحات الطوائف أمام مساحات اﻷديان واﻷوطان،بل تحدد لنا أيضا، أين تنتهي مساحة الفرد عند مساحة المجتمع، ولكن هذا الفهم الخاطئ كان ولايزال مصدرا لإراقة الدماء و تشبع مجتمعاتنا بالطائفية! 
إنني أبيض وذاك أسود! إنني جميل وذاك قبيح! إنني طويل وذاك قصير!  إنني كريم وذاك بخيل ! إنني على حق والجميع على باطل! لماذا لا ننظر الى الآخر باحتوائية وتقبل فهو ان كان خاطئا أو مختلا -كما نظن أو نعتقد- في شكله أو لونه أو دينه أو مذهبه أو معتقده الفكري ، فهذا الخطأ لا ينعكس إلا عليه شخصيا ،ولا يحاسب اﻹنسان بجريرة غيره، فلماذا نحاول النيل منه وفرض قناعاتنا ومعتقداتنا عليه جبرا حتى وإن تطلب اﻷمر إراقة الدماء وتخريب المدن!
ان هذا التفكير الخاطئ هو من وفر الفرصة السانحة لنمو المشاريع الدخيلة في مجتمعاتنا وكل فئة منا تشعر بالضعف تبرر وتحلل لنفسها الاستعانة بالعدو المشترك الذي لا يهمه سوى تحقيق أهدافه الخاصة بعيدا عن متطلبات واحتياجات مجتمعاتنا التي أنهكتها اﻹختلافات ! والنتيجة أن الدماء تسيل يوميا وعندما نحاول حل اﻷزمة نأتي بحل قصير المدى لا يمس جوهر أزماتنا اﻷساس وهو ( الفهم الخاطئ للإختلاف)، وبعد مدة قد تطول أو تقصر، تعود اﻷزمة بثوب جديد!
وتتضاعف اﻷزمات وتكثر الحروب ولا حل يلوح في اﻷفق، وأي حل يأتي والجميع خائف! خائف من ماذا؟ خائف من المصارحة التي تزيل اﻷقنعة عن حقيقة النوايا واﻷهداف الخاصة والقناعات الشخصية، خائف من اﻹعتراف بمساحة اﻵخر حتى وإن كانت غير مشروعة متى ماكانت لاتمس مساحته ولا تنال من حقوقه ومتطلباته.
أما آن اﻷوان لفك الوثاق عن الحقيقة المكبلة ؟! حقيقة احترام المساحات وضبط حدودها، حقيقة تكامل الاختلافات لا تناحرها، حقيقة العيش المشترك الذي يختزل كل العناوين المعتقدية والفكرية والثقافية في عنوان واحد وهو (اﻹنسان).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك