المقالات

التظاهرات والمطالبة بالاصلاحات ظاهرة صحية ولكن!! | عادل عبد المهدي

1060 2016-07-18

لاشك ان التظاهرات والمطالبة بالاصلاحات ظاهرة صحية كوسيلة للتعبير عن الرأي والضغط على الراي العام واصحاب القرار للتعريف بقضايا معينة او لتحقيق مطاليب محددة. لكن التظاهرات وشعاراتها الاصلاحية تتحول لظاهرة سلبية عندما تتحول الى نمط عيش ونظام، متصادماً مع النظام القائم، بسلبياته وايجابياته، والى عمل معرقل ومعطل للحياة والمصالح العامة، واداة ابتزاز الخاص للعام والقلة للكثرة.

تفاعل الجميع تنديداً بانفجار الكرادة الماساوي.. وتوجهت الجموع لمكان الحادث بحثاً عن ضحاياها وتضامناً مع الاهالي والمنطقة.. فاوقدت الشموع واقيمت الفواتح ونظمت المواكب.. وبسرعة بدأ التطرف والمزايدة واستغلال الحدث لاغراض اخرى، مما هدد ويهدد من التعبئة ضد المجرمين الحقيقيين، والوقوف مع الضحايا والمنطقة.. فجاءت ردود الفعل سريعة وغير مدروسة، والاجراءات بطيئة، واحياناً متضادة.. فامتص الارهاب هزيمته في الفلوجة، وتحولنا من منتصرين الى مهزومين.. ورغم كل الجهود الطيبة لتقديم اقصى ما تستطيع، تحولت الكارثة لمزايدات وانقسامات مخجلة، بدل استثمار التضامن الوطني والعالمي لرفع الوعي وتعبئة الشعب.

يؤكد الجميع (حكومة ومتظاهرين) على الاصلاحات ومحاربة الفساد والمحاصصة.. لكن لنتوقف عن التوصيف والعناوين العامة، ونسأل كيف التطبيق؟ فان كان الهدف ايصال الصوت والضغط على الراي العام فهذا امر سليم، وليستمر الى ما شاء الله، شريطة احترام التوقيتات واماكن التظاهر وعدم التجاوز. اما اذا صار التظاهر سلطة فوق السلطات، وابتزازاً يستهدف، بقصد او دونه، زعزعة الامن المهدد اساساً، والاستقرار المضطرب اساساً، وروح الاحباط المنتشرة اساساً، والمصالح المتلكئة اساساً، فانه يتحول لغير اهدافه الايجابية. فكما ان من واجب الحكومة المنتخبة والممثلة الرسمية للشعب ان تُعلن خططها ليتم الحكم عليها بالفشل او النجاح، فان على المتظاهرين اعلام الشعب خططهم ليتم الحكم عليهم بالفشل او النجاح. وكما ان  واجب السلطات ان تعرف حدود سلطاتها وحقوق المواطنين عليها، فان من واجب المتظاهرين ان يعرفوا حدود حقوقهم وحقوق الدولة والمواطنين عليهم. فالشعب لم يعطِ تفويضاً لغير مجلس النواب وبالتالي للحكومة للكلام باسم الشعب. فهناك اسلوب قانوني واخر انقلابي، ولا يمكن الجمع بينهما، او اللعب عليهما. والانقلاب يجد مبرراته الشعبية عندما تفتقد الحريات وتغلق المسارات الدستورية، وهذا خلاف الحالة العراقية. وهذا صحيح، حتى وان كان موقف الحكومة خاطئاً 100% ومنطق المعترضين صحيحاً 100%. بدون ذلك ستعم الفوضى وسيتعذر اي اصلاح، وسيتصرف كل منا وفق هواه لا وفق ارادة الشعب، او وفق السياقات المقرة حتى وان كانت عرجاء.

ما يؤسف له ويزيد الاوضاع ارتباكاً ان الكلام عن المحاصصة والفساد والاصلاحات يصدر من برلمانيين وحكوميين ومتظاهرين بكلام هلامي غامض. فالمحاصصة ليست احزاباً حاكمة راشدة او غير راشدة، فيكفي ازاحتها لنأتي بغيرها، بل المحاصصة تقاسم مواقع ومصالح الدولة بين احزاب تتمدد من مساحاتها المشروعة في قمم النظام لتستولي على كل شيء في الدولة والمجتمع. فالكل (احزاب حكومية او متظاهرة) متحاصصون وشاركوا ويشاركون بكل صفقات التحاصص، وان كان بنسب مختلفة.. كذلك الامر بالنسبة للفساد.. الذي هو فساد المنظومة كلها، والتي اساسها الاعتماد المطلق تقريباً على موارد النفط، والتي يشكل الفساد الشخصي جزءاً بسيطاً من فساد المنظومة.

لقد عرف جميع الفرقاء الحكوميين والمعارضين الان واقعهم الفعلي وموقف قطاعات الشعب منهم.. فان اراد البعض المبالغة، فلن يغش الا نفسه.. فالوقائع تظهر ما لكل فريق وما عليه.. ولا فائدة من تبرأة النفس واتهام الغير. فاذا استمر الكلام عن الاصلاح وكأنه تغيير اشخاص او مجرد معاقبتهم، دون السعي لانهاء احتكار الدولة للمصالح وانطلاق سلسلة من الاصلاحات في الادارة والقطاعات الحقيقية للاقتصاد، والامن والعلاقات الوطنية والخارجية وسلسلة من النظم الاساسية لعمل اية دولة معاصرة.. واذا استمرت مصدات العرقلة والاحتكار، لحجز حركة المجتمع والمبادرات واطلاق الحقوق العامة والخاصة، فاننا سنضحك على انفسنا. فالاصلاحات ومحاربة المحاصصة والفساد لا تتحقق ما لم نضع هرم الدولة على قاعدته وليس واقفا مهزوزاً على قمته، وما لم ينطلق النشاط والاقتصاد الوطني، ليصبح اقتصاد الدولة جزءاً بسيطاً منها، وليس العكس

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك