شهاب آل جنيح
تسنم العبادي رئاسة الحكومة، وكانت كل خطاباته تَعِدُ بالإصلاح، وتتوعد الفساد والفاسدين؛ وبهذا نال تأييد الشعب، ورضا المرجعية، فهل أوفى رئيس الحكومة بوعده؟
بدأ العبادي حكومته، وقدم مشروعه الداعي للإصلاح الحكومي، وكانت هذه البداية النظرية، وانتظر المواطن أن يطبق هذا المشروع على الأرض، ويرى الفاسدين والمجرمين في قفص الاتهام، لكن كلما تقدمت بنا الأيام، نشاهد تراجع العبادي في مشروعه، وتمادي الفاسدين في فسادهم.
حصل العبادي على دعم، لم يحصل عليه أيّ رئيس حكومة من قبله، سواء من الشعب أو المرجعية التي ذكرته باسمه، في سعي منها لدعمه للقضاء على الفساد وبدون تردد، لكن في مقابل ذلك أصطدم العبادي بحزبه، الذي نصب له العداء بكل خطوة يخطوها؛ وبذلك ظل رئيس الحكومة، بين سندان مشروعه الذي تبناه، ومطرقة حزبه الذي عاداه.
كون رئيس الحكومة لم يكن حازماً، بل ظل ماسكا للعصا من الوسط، وكأنه "يضحك على الذقون" فيوم يتهم قائد الضرورة بضياع العراق، وفي اليوم التالي يتراجع عن اتهامه، أفقده ثقة الشعب الذي علق آمالاً على تصريحاته وبياناته.
إلى الآن لم نرَ أيّ بوادر حقيقية للإصلاح، فالرؤوس الكبيرة للفساد مازالت بعيدةً عن المسائلة، وكذلك ظل القضاء على ماهو عليه في ظل حكومتي المالكي، وهذا خلاف لما دعت له المرجعية؛ حتى بُحَ صوتها.
الفساد والفاسدين أسسوا دولٌ داخل الدولة، وليس أمر بسيطاً محاسبتهم والقضاء عليهم، وقد استعدوا للمعركة (معركة الفساد) التي إن خسروها فهي تمثل بداية نهايتهم، ومما ساعدهم على المواجهة هو تردد العبادي في محاربتهم، وبذلك هم الذين أخذوا زمام المبادرة، وبدأوا المعركة سعياً لإبعادها عن حصونهم، وكان ذلك في حلقات الاستجواب، التي طالت العبيدي وغيره من الوزراء.
رئيس الحكومة من خلال تردده في تعامله مع الفاسدين، يعد هو الداعم الأول لهم، لكي يستمروا بفسادهم وإجرامهم، وقد فسح المجال أمامهم لكي يبعدوا كل من يعارضهم، أو يكشف فسادهم، وقضية وزير الدفاع شاهد لذلك؛ لأنها كانت الحد الفاصل، بين بداية القضاء على الفساد، أو استمرارهم في فسادهم.
العبادي يريد أن يحمل كرتين في يد واحدة! فهو من جانب يريد أن يبقى في حزبه، ومن جانب آخر يريد أن يقضي على الفساد، ونسي أو تناسى أن حزبه، هو القلب النابض للفساد.
رئيس الحكومة عليه أن يتحمل مسؤوليته، فأما أن يكون مع العراق ويبدأ إصلاحاته بالقضاء، والرؤوس الكبيرة للفساد والتي اغلبها، في الحزب الذي ينتمي إليه، وإما أن يتركَ منصبه لغيره ويذهب لحزبه، ويريح رؤوسنا من خطاباته البائسة، التي لاتسمن ولا تغني من جوع.
https://telegram.me/buratha