وليد كريم الناصري
العقل عقال النفس، وأشرف الأحساب، وكل عمل يأذن به العقل فهو الصواب، وكل شيء إذا كثر رخص إلا العقل، يستدل منه للحق، وبه يُبان المعروف، وفينا من يتاجر بعقله ولبه، حيث الهوى ومراد النفس، فيتبع الرحمن أمام الملأ، ويخلو بالشياطين مع نفسه، فيورد اليقين بالنفاق، أركنه الحياء من الناس، وزهد بالخوف من الخالق!.
رحم الله الشاعر إمام الشعراء إبن برد إذ يقول:-
يعيش المرءُ ما استحيا بخيرٍ —--- ويبقى العودُ ما بقيَ الَلحاءُ
إذا لم تخش عاقبة الليالي.! —---- ولم تستحِ فأفعلْ ما تشاءُ..
يتكلمون عن فساد الحكومة، ويتجاهلون بأنهم من صنع الفساد فيها! لفت نظري خلال هذه الليالي، وفي ذكرى واقعة "غدير خم"، حيث أمر الله تعالى نبيه محمد "ص" بأنتخاب قيادة جديدة، تحل محله إيذانا بأن مسؤوليته قد إنتهت وأتم نعمة الإسلام، ولابد من إنتخاب خليفة، فجاء أمر الله بتنصيب صهره, وأبن عمه, ونفسه علي "ع"﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً﴾.
الغريب بالأمر أن المحتفلين بالمناسبة، يدركون أن للإسلام بالبيعة قضية، ولكنهم ركزوا على أشخاص البيعة وزهدوا بالقضية، ألا يعني إختيار "علي" للخلافة؟ إختيار الأصلح للحكومة! ألأ يعني تنصيب "علي" للخلافة من قبل الرسول، بأن المرجع هو الأولى بالأختيار، ألأ يعني رفع يد "علي"؟ والتوصية به في أخر حجة للرسول، يعني توصية المرجعية بمن ننتخب عشية تلك الليلة!.
ماذا بقي على المجتمع أن يدركه؟ الشيء الوحيد الذي لم يدركه المجتمع، أنه أنجرف وراء أهواءه في إتباع المفسدين بإنتخابهم، كمن إنجرف غيرهم وبايع الشيخين، وعليهم أن يدركوا بأن من أوصت مرجعية النجف بإنتخابهم، ولم ينتخبوا! زاهدين بالحكم، كما زهد علي بالخلافة! ولعل اليوم الذي أتى من بعد حين، وأرجع الخلافة لعلي، بانت خيوطه عندما إرجعوا زعامة التحالف الوطني من يستحقها.
مصداق لكلامنا، المرجعية الدينية ما قبل إنتخابات عام (2014)، حرمت إنتخاب من صوت "لقانون التقاعد البرلماني" والذي يضمن راتب 100% للمتقاعد بعد (4) سنوات، صوت على القانون شخصيتان في دولة القانون، نقلت قناة الإتجاة العراقية، لقاء تلفزيوني معهما وقتها، وقالا بأنهم صوتوا لضمان حقوقهم! والعجيب أن يفوز الأول بواقع (17) ألف صوت والثاني (11) ألف صوت، وفي محافظة ذي قار، مع الجزم بأن من صوت لهم، ممن يحتفل اليوم بتنصيب الحق خليفة للمسلمين!.
ختاماً، أن نعرف بأن لمحمد وعلي قضية، لابد أن ندركها ونركز عليها، أكثر مما نركز على الأشخاص أنفسهم، فليس من العقل أن تعلوا اصواتنا بشعارات رنانة، بحق تلك الشخصيات ونحن لا نملك أدنى مرتبات الحياء من عقولنا لتمكين الأصلح بيننا، فعجبا وكل العجب لمن بايع علي بالأمس وسينتخب معاوية غداً.
https://telegram.me/buratha