( بقلم : المحامي طالب الوحيلي )
وردتنا شكاوى لعدد من المفصولين السياسيين الذين تحملوا ويلات وبلاء النظام الصدامي الظالم وكابدوا الامرين بين مطاردات امنية واعتقالات وسجون واحتجاز ،وكلها يسيرة ازاء ما كابدوه من تعذيب وحشي واهانات جسدية ونفسية لا قبل للانسان بتحملها الا ما قدر الله لهم من فرص للحياة ليروا اليوم الذي سقط فيه طاغية العصر وانتهت دولة الظلم والاستبداد والقتل ،دولة كانت قد بنيت على جماجم الابرياء ،وفي ذلك حديث ان تحدث به احد المضطهدين في ذلك العهد لا ينتهي ،ولكن قد هانت عليهم المصائب بقيام دولة القانون التي استمدت شرعيتها من هؤلاء المقتولين الاحياء وممن ارتقى سلم المجد حيث استشهد او دفن في مقبرة جماعية ..
وقد ادركت القوى السياسية المتصدية مكانة هؤلاء وما ينبغي ان يعوضون به من استحقاقات هي دون حقهم وحق عوائلهم وذويهم ،لان ما عاشه البعض من ابناء شعبنا من ظلم وويل لا يمكن ان يتصور منصف تعويضه ،لذا نجد سلسلة من القوانين المهمة صدرت انصافا لهم وهي بصدد التعديل والتنقيح كلما بدرت فقرة منسية ،وما اكثر من نسي في متاهات ذلك النظام ،ومن تلك القوانين ،قانون مؤسسة الشهداء رقم 3 لسنة 2006وقانون قانون مؤسة السجناء السياسيين رقم 4 لسنة 2006 وقانون اعادة المفصولين السياسيين المرقم 24 لسنة 2005 الذي عالج احكام عادة المفصول السياسي الى الوظيفة في دوائر الدولة على وفق احكام المادة ( مادة 1) التي تنص على مايلي :
أولاً- يعاد إلى الوظيفة في دوائر الدولة والقطاع العامة والقطاع المختلط من مدنيين وعسكريين وقوى الأمن الداخلي، المفصولين لأسباب سياسية أو عرقية أو مذهبية للفترة الممتدة بين 17/7/1968 و9/4/2003 بما في ذلك : أ : من ترك الوظيفة بسبب الهجرة أو التهجير خارج العراق . ب : من اعتقل أو احتجز أو تم توقيفه من قبل سلطات النظام السابق . ج : من اضطر إلى ترك الدراسة في الجامعات العراقية . د : من تعذّر عليه المباشرة في وظيفته التي تمّ تعيينه فيها . هـ : من أحيل على التقاعد قبل بلوغه السن القانونية .ثانياً- تحتسب مدة الفصل للأسباب المذكورة أعلاه خدمة لأغراض الترفيع والعلاوة والترقية والتقاعد لمن لديه مدة خدمة فعلية لا تقل عن سنة .
ومع تحفظنا على ما ورد في الفقرة ثانيا من هذ المادة حين اشترطت مدة خدمة فعلية لمدة لا تقل عن سنة ،فان احكام الفقرة اولا من الوضوح بمكان لا يترك مجالا للاجتهاد او اللبس او الحاجة الى عرضها على مجلس شورى الدولة او المحكمة الاتحادية العليا ،فقد ثارت مشكلة للمشمولين بها امام احدى الوزارات التي فسرت المادة بصورة تلقي بالحيف على هذه الشريحة الواسعة والتي مازال قسم كبير منها في المنافي او هجر بسبب الارهاب او ما زال يبحث عن اولياته التي ضاعت مع ضياع امله في الخلاص من الطاغية ونظامه ،ولم يدر بخلد الحد ان يتوقع من جهة رسمية البحث عن معضلات او ثغرات للنيل من حقوق هؤلاء ..
ولنات الى جوهر المشكلة ،فقد اكد عدد من المفصولين السياسيين رفض احتساب المدة الحصورة بين 8/4/ 2003 و تاريخ صدور قانون اعادة المفصولين السياسيين خدمة فعلية لأغراض الترفيع والعلاوة والترقية والتقاعد لمن لديه مدة خدمة فعلية لا تقل عن سنة . على وفق احكام المادة المذكورة اعلاه ،والسبب هو التفسير الخاطئ لنص المادة حيث اصدرت احدى الوزارات ذات الشأن تعميما جاء فيه : لوحظ في اونة الاخيرة ورود قرارات احتساب مدة الفصل السياسي للفترة بعد 8/4/2003 للموظفين المعادين للخدمة بناءا على الفصل السياسي واستنادا لاحكام المادة الاولى من قانون اعادة المفصولين السياسيين رقم 24 لسنة 2005 واحكام البند ب من المادة 4 من التعليمات عدد 1لسبة 2006 فان احتساب مدة القصل السياسي للمفصولين السياسيين يتوجب ان يكون للفترة المحصورة بين 17 /7/1968 ولغاية 8/4/2003 وبذلك يقتضي اعادة النظر بالقرارات الصادرة خلاف ما تقدم ..
وعلى ضوء ما ورد في هذا التعميم اجابت الامانة العامة لمجلس الوزراء في كتاب لها معنون الى وزارة التعليم العالي بما يلي : (نود ايضاح مايلي 1ـ ان احتساب مدة الفصل السياسي للمشمول باحكام القانون رقم 24 لسنة 2005 يجري للفترة المحصورة بين 17 /7/1968 و9/4/2003 اذ بعد سقوط النظام السابق لم يبقى مبررا امام من يدعي الفصل السياسي من الوظيفة يحول دون ان يتقدم بطلب الاعادة واحتساب مدة بقائه خارج الوظيفة خدمة وظيفية ،فليس من المعقول ان تبقى المدة مفتوحة او جعلها مرهونة بارادة من يتقدم بطلب الاعادة طالما ان المانع زال بسقوط النظام السابق ،وطالما ان المشرع قصد من تحديد الفترة المشار اليها في اعلاه وضع سقف زمني محدد تنتهي بنهايتها مدة احتساب الفصل السياسي وبشرط تحقق القيد الوارد في البند (ثانيا) من المادة (الاولى)وهي قضاء المراد احتساب مدة فصله..الخ
2ـ استنادا لما تقدم لا يمكن احتساب المدة الواقعة بعد الفترة المشار اليها انفا لاغراض القانون المذكور وينبغي اعادة النظر بالاوامر الصادرة من وزارتكم التي تقضي بخلاف ما تقدم..) عليه وحسب ما ورد من الكتابين المذكورين فان ما يؤخذ عليهما النقاط التالية :ـ ان قانون اعادة المفصولين السياسيين صدر يوم 26/12/2005 وبذلك فانه اعطى الحق للمفصول السياسي بالعودة للوظيفة فما هو مصير المدة المحصورة بين تاريخ 9/4/2003 وتاريخ الصدور؟!!وهي مدة فراغ تشريعي ..ـ المعروف قانونا بان المطلق يجري على اطلاقه مالم يقيد بنص ،فكيف يحق لهاتين الجهتين افتراض ما لم يكن ؟!!ـ المدة التي حددت هي تفسير لمدة الحكم السابق ولم تعني المشرع حصر احتساب خدمة المفصول السياسي بها .ـ الكثير من المفصولين السياسيين لم يتمكنون من العودة لوظائفهم بسبب هجرتهم الى الخارج وانقطاع السبل بهم وهذه مشكلة مازالت مورد معالجة .ـ ان الجهتين المذكورتين قد اجتهدتا ،وحيث ان لا اجتهاد في مورد النص فان اجتهادهما مخالف للقانون وللدستور العراقي ،وكان ينبغي عليهما المطالبة بتشريع تعديل لقانون اعادة المفصولين السياسيين يقصر المدة المحتسبة على التاريخين المشار اليهما ..
https://telegram.me/buratha
