صار للرشوة صورة كثيرة في حياتنا، وحتى القطاع الخاص بعضنا من يعطي رشوة للعامل دون علم سيده، والموظف يبتز المواطن والأخير يبحث عنها ويتقبلها برحابة صدر.
عند مراجعة أي مواطن الى مؤسسة حكومية مثلاً، وأمامه شباكين للمراجعة؛ أحدهما لموظف يبتز المراجعين بأساليب ملتوية؛ لأخذ المال مقابل تحريك معاملاتهم؛ وإلاّ سيسمعون عدة إشكالات وطريق لا ينتهي بالتعقيدات والتعجيز، وربما يدفع المواطن أضعاف ما يطلبه الموظف، ويخسر من وقته وراحته أيام أن لم تك سنوات؛ أما الموظف النزيه تجد الفقراء والمعوزين على شباكله وقد أنهكه العمل، ولو إمتلكوا أموال لذهبوا الى الشباك الآخر لإختصار الوقت.
يجبرك أحياناً صاحب الشباك المرتشي، وقد يبررها بأن لا يرتكب أخطاء وتجاوز على القانون، ويعتقد أنه يقدم خدمة كبيرة تختصر الوقت وهو مَنْ يخدم الناس أكثر، ويصبح ذا جاه وسلطة حيث يتوسطه المراجعين، ويجلبون أصدقائهم وأقاربهم، وأحياناً يصبح بعضهم دليلاً له وإذا زاد من نسبة المراجعين قد يحصل على نسبة من أموال الرشاوى، أما الشباك الثاني فعادة ما يوصف بالمعقد والروتيني والقانوني والشخص الذي لا يُطاق.
إن المرتشي هو من أجبر الراشي على دفع المال؛ وإن كان الراشي والمرتشي شريكان بالجريمة، وما المواطنيين عند الموظف المرتشي إلاّ بضاعة تُباع وتشترى، ولا كرامة إلا مقابل مال وتنازلات عن قيم إنسانية وأخلاقية ومسؤولية في الحياة، وما بيع الضمير إلاّ تنازل وبيع لأغلى ما يملك الإنسان.
نتهم بعض السياسين لأنهم يقدمون رشوة لبعض المواطنين، ونقول أنهم خادعوا الشعب بالوعود والشعارات، ولا نتعترف أن بعضنا من سمح لهم وإبتزهم لذلك وإلاّ إختيار غيره.
المشكلة في كثير من العقول المتخلفة عن الوطنية، وتحت تبريرات الفقر والجوع والأمراض وسوء الخدمات، وغياب وعيها السياسي والإقتصادي وأنانيتها، وهؤولاء يعرضون أنفسهم للبيع ويبحثون عن الراشي ومَنْ يدفع أكثر، مقابل ساسة يرشون دون تقديم برامج إنتخابية وسياسية خادمة للمواطن، ويراهنون على عدد المرتشين وما تقرره سوق بيع الضمائر، وبذلك يسجل الفوز لمن أكثر فساد سياسي وأخلاقي في موارد كثيرة، ولكن اللوم يتحمله المواطن المرتشي، الذي إبتز سياسي مستعد، ودفعه لمرض الفساد والرشوة، وقد تصل عدواها الى ساسة آخرين، وبذلك يكون سوء واقعنا بسبب ناخب مرتشي وسياسي راشي، ولكن كلاهما شريكان بالجريمة وهدر المال والفساد، الذي أوصل الى ذبح رقابنا، ومن دفع الرشوة أكيد أنه يبحث عن طرق لإسترجاعها وأن كان ثمنها دمائنا.
awathiq@ymail.com
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha