المقالات

ملحمة الطف.. المبادئ والمأساة||شهاب آل جنيح

2680 2016-10-09

شهاب آل جنيح تُعد ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء، من أهم المتغيرات والمنعطفات، التي حدثت في تأريخ العالم الإسلامي، وهي في أبعادها تتجاوز محيطها -الإسلامي- فترقى للمحيط العالمي، هذه الملحمة مثال للتضحية والإيثار، من أجل القيم والمبادئ السامية، فمن يجردها من مبادئها وقيمها وأهدافها، ويُحَجِمها على البكاء والعزاء؛ فقد ظَلَمَ نفسه، وظَلَمَ الإمام الحسين.
 هذا التحجيم قد يكون عن قصد، أو دون قصد، كأن نَبكي على الإمام الحسين، ونَخذل الحق، ونُنادي ياحسين، ونَنصر الباطل.
قد تكون معركة كربلاء، محصورةً مادياً في ذلك المكان والزمان فقط، وهذا ما  نُقل عن الإمام الحسن(عليه السلام):  ((لايوم كيومك يا أبا عبد الله)) إذ لم ولن يأتي يوم، يكون فيه حجم التضحية والمأساة كذلك اليوم، ولا رجال كأولئك الرجال، لكن أثر هذه الثورة المعنوي، لم ولن يكون، محصور في زمان أو مكان معين، فأهدافها مستمرة مدى الزمان، كاستمرار الحق والباطل، الخير والشر.
أهداف ثورة الإمام الحسين، جعلت منها -الثورة- نبراساً ومثالاً لكل الثورات، وجعلت من الحسين مشعلاً وملهماً لكل الثوار، فأهدافها لم تكن شخصيةً أو عنصريةً أو طائفية، بقدر كونها إنسانية وإلهية، وهذا ما عبر عنه الباحث الإنكليزي جون أشر بهذه الكلمات:"أن مأساة الحسين بن علي، تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد، في سبيل العدل الاجتماعي".
ما ميّز هذه الثورة، هو أهدافها الإنسانية والعالمية، فهي لم تكن معركة في صباح يوم عاشوراء، بين فريقين متخاصمين، بقدر كونها صرخة بوجه الظالم المستبد، أبطال هذه الملحمة، كانوا من خير وأفضل رجال ذلك الزمان، بأقوالهم وأفعالهم، حتى إن الإمام الحسين في ليلة العاشر، لم يسمح لمن كان عليه دين من أصحابه، أن يبقى معه، فهنا سر الخلود، وهو إن حَملّة المشروع، كانوا بمستوى ورُقي مشروعهم وأهدافهم.
إحياء هذه الثورة لايكون فقط بالشعائر الحسينية، سواء الوارد فيها نص من المعصوم (الزيارة والبكاء والمجالس الحسينية) أو المبتكرة من قبل أتباعهم من الشيعة (التشبيه والمواكب وغيرها) وهذا الجانب قطعاً مطلوب، لكن هناك جانب آخر، يمثل عمق الملحمة وثمرتها، وهو التمسك بقيمها وثوابتها ومبادئها، فإحياء الثورة الحسينية، يجب أن يكون بهذين الشرطين، اللذين يسيران بمسارين متوازيين، مسار المبادئ والقيم، والثوابت التي قامت لأجلها الثورة، و مسار البكاء والمجالس والزيارة، وسائر الشعائر الأخرى.
لايكفي أن نبكي على الإمام الحسين، ونلطم ونقيم الشعائر، بدون التزام بأخلاقه ومبادئه، حتى لانكون كجيش يزيد، الذين عبر عن موقفهم الفرزدق بقوله للإمام: "قلوبهم معك، وسيوفهم عليك" فأعداء الحسين بكوا في يوم العاشر، لكنهم استمروا في قتاله حتى قتلوه، وبكى عمر بن سعد حين مقتل الإمام، عندما نادته السيدة زينب (عليها السلام) :"أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟" لكنه خسر الدنيا والآخرة، ولم ينفعه بكاءه.
عندما نبكي على الإمام الحسين، يعني إننا بايعنا الإمام بألسنتنا وبعدها لابد أن نبايع بأفعالنا وذلك بنصرة  الحق والعدل، والصلاح، ومحاربة الظلم والفساد، لايكفي أن نلبس السواد في محرم، ونغير صورنا الشخصية، فلا بد مع ذلك أن نغير قلوبنا، ونصحح أخطائنا؛ حتى نكون أهلاً لنصرة سيد الشهداء، قولاً وفعلاً، وهذا مافعله أبطال وشهداء الحشد الشعبي، الملبين لنداء المرجعية، في الدفاع عن حرمة الإسلام وكيانه.
shehab2z1991@gmail.com
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك