وليد كريم الناصري
كم يفوتني أن أذكر ليلة زفافي، وجميعهم كان يهلل ويصفق فرحاً، إلا والدتي كانت أشدهم فرحاً، وأكثرهم حزناً!، المنظر الذي لم أنصفه وقتها ولمتها مع جوارحي، أراها قد أنزوت في حجرتها، تبكي بكاء قد حَر كل قلب سمعه، ما كنت لأعكر صفو فرح الباقين، وأسالها عن بكاؤها، إنتظرتها حتى تهدأ ويسكن روعها، إنقضت الساعات ليلتها، وخجلت أن أسألها ونسيت الحادثة من حينها.
اليوم وبعد إن بدأت بشائر النصر تزف من مناطق الموصل، قرية تلو القرية، ومع كل إطلاقة وخطوة لجندي أو مقاتل أو مجاهد، تتزين المدينة الحدباء لليلة عرس جديد، ستزف بعد ليال قليلة الى العراق مجدداً، بعد إن أغتصبها شذاذ الأفاق وعصابات الإجرام، منذ ما يقارب الثلاث سنوات، ثمناً لولاية ثالثة لم يؤكل ريعها، أيقنت حينها أن سبب بكاء أمي كان مشروعاً، لدرجة أنه لم يكن بإرادتها، الأب الذي عانى معها ما عانى من الصعاب، كان حلمه الوحيد أن يكون موجوداً مع المحتفلين تلك الليلة.
أراقب التلفاز بحذر، وعيناي تتهلل فرحاً برجوع الموصل عراقية، لكن قلبي يعتصره الألم! حزنا على أشخاص كم نتمنى أن يكونوا هم من يزفون ذلك النصر لنا مع إخوانهم المجاهدين، صور ذكريات هولاء المجاهدين بدأت تجول وتصول بمخيلتي، وهم يحررون (أمرلي وتكريت والفلوجة والرمادي وباقي المدن)، إلا الموصل!سبقتهم رصاصات الشهادة، الى أن تغتال حلمهم وفرحهم بتحرير أخر شبر من وطنهم، مع المجاهدين.
الأعجب والأغرب من هذا كله، وبعد ذاك الجهاد المدوي في ساحات الوغى، وميادين الحرب، يأتي غيرهم ليتقمص أدوارهم! وكأنه هو صاحب الفتوى وهو عاملها وصاحب النصر! في الوقت الذي لولاه لما تكلفنا ثمن الموت في شبابنا، ثلاث سنوات أقتطع فيها الألاف الرياحين من بساتين وحدائق أبنائنا، ليدفنوا تحت رمال الموت، بسبب طمع وخبث تلك الفئة الضآلة من مُهَوَسي ومجانين الولاية الثالثة.
كم هو مُرا طعم النصر؟ وهو يخلوا من الشهيد( صالح البخاتي)، تلك الشعلة التي أضاءت دروب ودهاليز (سامراء وتكريت والرمادي والفلوجة)، لتختطف النصر من الدواعش، بأزيز الرصاص والثبات والإيمان، وكم يحرقني لهيب النصر؟ وأنا اتذكر الشهيد (أبو وهب - كريم الجابري)، الذي ترك الدنيا وملذات القاعات والمكاتب الفارهة، ليلتحق بركب المتطوعين، يلتحف السماء ويفترش الصحراء والتراب، ينهش جسده الصابر حتى أستشهد.
الموصل يرجعها دم الشهيد الثائر "صالح البخاتي"، ولا يرجعها "الإعلام الخبيث" وشبكة الإعلام البعثية، الموصل يرجعها دم الشهيد"كريم الجابري" وليس لعاب فم "النواب" وهم يطلقون تصريحاتهم الفجة عن حرصهم على وحدة العراق، الموصل ترجعها دماء الأجساد المتناثرة، برصاص ومفخخات الإرهاب في قاطع الصد والمواجهة، وليس الأجساد التي أترفها الفساد، وباعدت بين أطرافها التخمة، وملأت جيوبها أموال البلد المنهوبة.
https://telegram.me/buratha