"الدولة الإسلامية" لم تأتِ من فراغ، أو بدون أي ممهدات لتواجدها، بل على العكس، إذ أن التوتر الطائفي، وما يسمى بالربيع العربي، وانقسام منطقة الشرق الأوسط، مابين المحورين الروسي والأميركي، جعل من العراق وسورية، أرض خصبة "لداعش"، خاصة عندما نراجع بداية ظهورها -داعش- حيث تم دعمها، إعلامياً ومادياً، من قبل السعودية وقطر وتركيا، ودولٌ أخرى.
منصات الفتنة، نصرة أهل السنة، الجيش الصفوي، ثوار العشائر، قادمون يا بغداد، كل هذه الفعاليات والشعارات، مهدت لنشأت عصابات"داعش"، إضافةً للدعم العسكري والمالي للمعارضة السورية المسلحة، من قبل السعودية وقطر وتركيا، والدعم الإعلامي، الذي قام بالتغطية على إرهاب هذه العصابات، وسوّق إجرامها على إنه مقاومة، من قبل المعارضين في سورية، وثوار العشائر في العراق.
تنظيم "داعش" كان يراد له، أن يكون معولاً، لهدم الدولتين العراقية والسورية، بالتالي القضاء على دور الدولتين في المنطقة من جانب، وإضعاف للمحور الروسي الإيراني من جانب آخر، في قبّال قوة المحور الأمريكي الخليجي التركي.
دخلت "داعش" الأراضي العراقية، وقتلت وهجرت وشردت الآلاف من العراقيين، وارتكبت مئات المجازر بحقهم، لكن بدأت نهايتها في العراق، مع إعلان فتوى المرجعية في النجف، فمنذ تلك اللحظة، والقوات المسلحة والمتطوعين العراقيين، يلقنون الإرهاب الهزيمة تلو الأخرى، كما حصل في حزام بغداد، جرف النصر، سامراء، تكريت، ديالى، آمرلي، بيجي، الرمادي، الفلوجة، الشرقاط، وغيرها من المدن، واليوم المعركة الأخيرة هي معركة تحرير الموصل.
الموقف الدولي إزاء القضاء على "الدولة الإسلامية"، كان متردداً في بدايته، لكن العمليات الإرهابية التي تبنتها "داعش"، كان لها أثراً بالغ، في التوجه الدولي للقضاء عليها، تلك العمليات التي ضربت قلب أوروبا، أي الهجمات التي استهدفت العاصمة الفرنسية باريس، والتي هددت العالم بأسره، وكشفت أهداف الإرهاب التي تستهدف كل دول العالم.
بعد القرار الداخلي العراقي، بالقضاء على "داعش" -أيّ فتوى الجهاد الكفائي- والقرار الدولي بعد الهجمات الإرهابية في مختلف دول العالم، ونهاية ولاية الرئيس الأمريكي اوباما، الذي يريد أن يغادر البيت الأبيض بانتصار لحكومته وحزبه، فان ورقة "داعش" احترقت، والقضاء عليها باتَ مسألة وقت لا أكثر.
معركة الموصل الأهم ستكون بعد تحريرها، فاردوغان بتصريحاته هذه، يريد موطئ قدم لتركيا في العراق، والكرد كذلك يشاركون بقوة ليضمنوا سيطرتهم على جزء من المحافظة، فهم يطالبون بتقسيمها لعدة محافظات، ليضموا بعضها لإقليمهم، واثيل النجيفي يريدها إقليم مستقلاً، ذو نفوذ تركي وسعودي، أما الحكومة العراقية وأغلب سكان المدينة فأنهم متمسكون بعراقيتها، وضرورة بقائها كما كانت في السابق، كمحافظة مستقلة تحت ظل الدولة العراقية، وبين هذه الرؤى المختلفة ستحدد الأيام القادمة، مصير ثاني أكبر محافظة عراقية.
shehab2z1991@gmail.co
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha