المقالات

هل نحن نعيش بمنطق المختصر المفيد؟!


لي زميل وهو صديق قديم أيضا, نعمل بنفس الموقع, وهو يكاد يماثلني في العمر والشهادة.. كنا نتحدث يوما, عن موضوع ما, ولعله كما أذكر كان يخص, أعمال الترميم الجارية في منزله, وكان يصف لي ما كان يعانيه من العمال, من تأخير وعدم دقة في إداء العمل المطلوب, رغم أنه كان يدفع لهم أجورهم وزيادة. 

يميل صديقي هذا, في كلامه ووصفه للأمور, للتحدث بطريقة الكوميديا الساخرة, التي كان يستخدمها, لبيان مرارة ما يعانيه.. ومن جملة ما قاله لي واصفا حاله, أن أحد الأسطوات, أكمل له عمله بطريقة " المختصر المفيد".. عندما نطق بتلك الجملة, وكنت قد فهمت, من سياق حديثه ما يقصد, بحصول تقصير فاضح, فيما كان الشخص المعني, مقتنعا أنه قد أدى عملا مفيدا. 

لم أستطع ان اتمالك نفسي, من ان أغرق في الضحك.. ضحك كان اقرب للحسرات.. فقد كان وصفا طريفا جدا, ومؤلما بنفس الوقت, فلا يمكن لي حقا, أن افهم كيف, يمكن أن إنسانا يرتكب الخطأ ويغش ويخون الأمانة.. يبرر لنفسه ويقنعها أنه يفعل الصواب؟! 

حالة هذا الأسطى الذي وصفها لي صديقي, ليست فريدة, بل ويمكن إعتبارها بسيطة جدا, إن قايسناها مع مقدار الضرر الحاصل, وحجم المسؤولية, وأثرها في حياة الاخرين.. فكم عايشنا وشاهدنا عيانا, مسؤولين كبارا وصغارا وما بينهما, يرتكبون الأخطاء العظيمة, والتجاوزات الكبيرة, على المال العام, ويخرقون القانون.. ولا يكتفون بذلك, بل ويخطبون فينا, عن النزاهة والشرف.. فعن أي نزاهة وشرف يتحدثون؟! 

من المتوقع من كل إنسان يستأجر لعمل ما, أن يؤدي العمل حقه, وينفذ ما يطلب منه, وحسب رغبة المؤجر.. وقد تحصل أخطاء نتيجة لسهو, او غفلة او قلبة خبرة, فيتم تصحيحها أو في الأقل الإعتذار عنها, لكن أن يقوم المخطئ, بالتفاخر بخطأه على انه قمة الصواب والعمل الصحيح؟! 

ولتكون الصورة واقعية في المحاسبة والمقايسة, فكلنا شركاء في شيوع منطق " المختصر المفيد" هذه, فمن منا لا يخالف القانون والمنطق, بعمله أو سيره في الشارع, أو رمي نفاياته, أو حفظ حقوق الاخرين, وغيرها كثير من تفاصيل حياتنا, وكلنا يشتم الفساد والفاسدين, ويسبهم حتى أواخر أجدادهم,.. فهل صار هذا المنطق مقبولا؟! 

من الثابت أن الباري لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم, ومن المنطقي القول, أن فاقد الشيء لا يعطيه, فكيف يحق لنا أن نحاسب الفاسدين, ونحن شركائهم إن لم نكن منهم؟ 

صحيح أن فسادنا بسيط وصغير ربما, وأن هناك حيتانا للفساد.. لكن الفساد هو الفساد, والتلال تكونت من حبات رمل صغيرة, وأن الحيتان كانت يوما ما سمكة صغيرة. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك