المقالات

إيران وثورتها.. هل توقف التصدير؟


 

يتذكر من عاصر فترة الثمانينات القرن الماضي, بدايات الثورة الإسلامية في أيران, وكيف كان مفهوم تصدير الثورة, واحدا من أهم شعارات وأدبيات الثورة. 

رغم الهجمة والمضادة التي جوبه بها الشعار, كان قائد الثورة الراحل, السيد الخميني, مصرا على مفهوم ومبدأ تصدير الثورة.. وأنه أكبر من أن يكون شعارا, بل هو واجب وهدف, يجب أن تحققه الثورة, وتتحمل النهوض به أيران, بإعتبار نجاح الثورة فيها, وأممية الإسلام, ووجوب رفع المظلومية عن المستضعفين في شتى بقاع العالم, حيث يتواجد المسلمون. 

ضخامة الحملة العالمية ضد أيران, وحربها الشرسة التي مع العراق, أبان حكم صدام.. جعل تصدير الثورة صعب التحقيق, بل وصار سببا لمهاجمة ايران وثورتها الفتية, وتجربتها الإسلامية, والتشكيك في صدقية, شعار الدفاع عن المظلومين, وسوّق على أنه محاولة إيرانية لإحياء حلم الإمبراطورية الفارسية فقط! 

كل ما سبق, دفع مفكري الثورة ومنظريها, إلى إعادة صياغة هذا الهدف, من حيث الشكلية والصورة, فصار يقدم على أنه دعوة ونشر, لمفاهيم الثورة والعدالة, بالحسنى وأدوات الثقافة والإعلام الحر, وهو أسلوب ذكي وفعال, أبقى الأهداف والمفاهيم الأساسية كما هي, وتم تعديل شكلها الظاهري فقط. 

لم تكن أيران مخادعة في تحولها, فهي التزمت بهذا الأسلوب, فوصلت تأثيراتها الى أفريقيا وأمريكا اللاتينية, ناهيك عن دول الإقليم, ونجحت في بناء علاقات شبكة دولية ناجحة.. فصارت أيران لاعبا أساسيا, لا يمكن تجاهله بأي حال من الأحوال. 

سكوت السيد الخميني, وهو المبدئي العنيد, عن تغيير أسلوب تصدير الثورة, لم يكن إضطراريا, بل كان يمثل تغييرا للأليات, وذكاء وتماشيا مع متطلبات العصر, بما يحفظ الهدف والمبادئ الأساسية للفكرة. 

أثبت النجاح الباهر الذي حققته أيران, خلال الفترة الماضية, وخصوصا إتفاقها النووي مع الدول الكبرى, أن إيران صارت مدرسة في فن الدبلوماسية والقوة الناعمة, والتعامل على نار هادئة, وكيفية قلب المواقف المضادة, وتحقيق المطالب مع تقديم الأدنى من التنازلات. 

نجحت أيران في عزل السعودية عن تركيا, بل وفي إبعاد الموقف الأوربي عن أمريكا, بعد تولي ترامب للسلطة, وهو إنجاز دبلوماسي كبير, فصار رأيها يجب أن يؤخذ, في ملفات مهمة إقليمية ودولية. 

قد يرى البعض أن أيران, تتدخل في شؤون الأخرين, وأنها تراعي مصالحها القومية فقط, تجعل الأخرين يخوضون حروبها بالوكالة.. ويرى أخرون أنها تمثل عمقا إستراتيجيا لهم, وأنها تجربة إسلامية ناجحة, وفيها كثير من ملامح الديمقراطية, وهناك صحة في كل ذلك.. لكن هذا لن يغير واقع أن مكانة وتأثير وقوة أيران اليوم, تجاوز بأضعاف مكانتها خلال حكم الشاه, رغم دعم أمريكا له, وكونه رجلها المفضل, ومحاصرتها للنظام الحالي. 

رضينا نحن العرب, أم لم نفعل, فإيران بلد حضارات عظيمة, وهي بلد كبير وقوي ومؤثر, وقوة مواقفنا وتماسكنا وطريقة تعاطينا, مع كل هذه المعطيات هي التي ستحدد, نوع علاقتنا مع أيران, إن كانت تبعية, أم ندية وحسن جوار.. أم غير ذلك. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك