المقالات

الرأي العام.. وفن إختلاق الأزمات.

1959 2018-06-11

 

قد يجيد بعضنا التلاعب بأفكار شخص أخر وبإرادته, فينجح في زراعة أفكار, ويدفعه لتبني قناعات معينة.. إن أمتلك القدرة على التأثير والإقناع, والتلاعب بظروف محيطة, أو في الأقل تجيرها لصالح تفسيرها كما يريد, وبما يؤيد ما يريد تسويقه من قناعات. 

يساعد على ذلك سذاجة المستهدف, وقلة وعيه, وإندفاعه لتصديق وتقبل كل ما يقال ويطرح.. بل والتفاعل معه بشكل, يدفعه لتبني الأفكار الدخيلة, والعمل على نشرها, ومحاولة إقناع أمثاله بها, بإعتبارها من الحقائق المسلم بها.. بل ومن المقدسات! 

قد ينجح هذا مع فرد, فهل ينجح مع مجموعة؟ فكيف بشعب وأمة؟! 

من يدقق قليلا فيما يجري من حولنا, يلاحظ أن الرأي العام محليا كان أو إقليميا بل وحتى دوليا.. دوما مشغول بقضية ما, تكون هي محط الإهتمام, وتدور حولها النقاشات, وتتصادم الأراء عندها بين مؤيد ومعارض, وتستمر تلك القضية مدة معينة, لتبرز بعدها قضية أخرى تستحوذ على الإهتمام, وتتراجع سابقتها وتصبح طي النسيان. 

هذه الأزمات أغلبها حقيقي وربما ليست مفتعلة.. لكن المفتعل والوهمي فيها, حجمها وحقيقة ما تحوي من تفاصيل, ومقدار تأثيرها على المستهدفين منها.. فهناك من يسوق الأزمة للعلن, ويدفعها للبروز, والإستحواذ على إهتمام الناس, ويدفع الفضائيات لإقامة الندوات واللقاءات الحوارية حولها, ويشغل مواقع التواصل الإجتماعي بها.. فتصبح قضية رأي عام! 

كثير من تلك الأزمات "تختلق" لأهداف سياسية وتفاوضية بين الدول, لخلق رأي عام ضاغط تجاه قضية ما, وبعض منه يختلقه مسؤول حكومي فاشل أو حزبه الذي يدعمه, لتخفيف الضغط عنه, كأسلوب قديم ومعروف في الهروب من المشاكل إلى الأمام. 

بعض تلك الأزمات تختلقها مخابرات دولية, وجهات ومؤسسات خفية.. بهدف إشغال الرأي العام محليا أو عالميا, بموضوع ما, ليتم إمرار موضوع وقضية أخرى يراد لها, أن تمضي بهدوء ودون لفت الأنظار لها, لتجنب أي ردود فعل غير محسوبة. 

لنتحدث عراقيا ونفكر.. هل أزمة المياه مع تركيا هي وليدة اليوم أم تعود لتسعينيات القرن الماضي؟ وهل أن الفشل في إجاد حلول حقيقية لها جديد؟ وهل من الصدفة التركيز على أن الوزراء المعنيين بالموضوع كلهم, ينتمون للتيار الصدري خصوصا مع ملاحظة أن الصدريون هم من حصدوا عدد المقاعد الأكبر خلال الإنتخابات الأخيرة, وان التفاوض على قدم وساق لتشكيل الحكومة؟! 

هل من المعقول أن وزارة الكهرباء, والتي تجري صياناتها خلال أشهر الإعتدال الربيعي, بين أذار وأيار سنويا, في سياق فني روتيني معتاد.. لا تعلم أن هذه السنة وفي تلك الأشهر ستكون هناك موجة حر, وسيصادف شهر رمضان, وكذلك تجري الإمتحانات النهائية.. وكلها معا؟! 

في عالم السياسة, يندر وجود الصدف.. وكل ما يحدث هو مخطط له, أو يتم إدخاله لاحقا ضمن المخطط. 

من يكون داخل حدث معين مؤثر عليه وضاغط, لن يرى الصورة كاملة, لكن من يكون خارج الحدث, أو يحاول أن يرتفع عنه, سيرى صورة أشمل.. وعندها سيرى أن هناك لعبة ولاعبون وبيادق تُحرك.. وعندا سيظن أنها لعبة تشبه لعب الأطفال. 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك