المقالات

أفرحنا التغيير وأحزننا المتغير!


قيس النجم

في العراق شعب، أريد له أن يعيش في ظلام دامس، ليسكتوا كرامته، ويتركوا الماضي دون زحف، أو عزاء، أو إستحضار، لعبره التي دفعت بالعراقيين نحو الصمود والتحدي، فصنع لنفسه ملحمة خالدة، رغم أنه يلتفت الى الماضي، ويضيع في تأففات الحسرة، على أنهم لم ينصروا الحق والعدل، في زمن طغى عليه الألم، والبؤس، والقتل.
هكذا أرادوها دون إستحياء، سيما أنهم أصبحوا كابوساً يجثم على صدورنا، بعد أن كنا نعيش فرحة التغيير التي لم تكتمل، بسبب ساسة لا يملكون سوى زراعة الخوف؛ في قلوب ما برحت ترى السعادة، ولو لوهلة قصيرة، مما جعلوا من التغيير معبراً لهم، ليتسلقوا على ظهور شعب منكوب، بعد أن جاءوا حفاة عراة، فأمسوا كما تصوروا أنفسهم، محررين بواسل، ليأتوا لنا بنظام فاسد حتى النخاع، فأصبح شعورنا اليوم محبطاً، لأننا قد غيرنا خلف بخليف!
يوجد فرق كبير، بين سلطة التأريخ، وتأريخ السلطة، فالأولى أن التغيير الذي أراده شعب العراق، أن يكون ثورة مفرحة، لمن يسكن بيوت الصفيح، وبما أنه يرى البرق، ويسمع صوت الرعد، فإنه حتماً سيرى حبات المطر، كما قيل قديماً، لذا كانت فرحة التغيير معجزة أنتظرها الأبرياء، بفارغ الصبر، سيطرت عليه سطوة التأريخ، وفرض عليها تدوين عصر جديد، بعد سقوط أذاقهم الأمرين بفكره المنحرف، وهذه سلطة التأريخ هي مَنْ أفرحتنا، لأنها تعني للعراق الكرامة، والحرية. 
أما تأريخ السلطة، التي تمناها العراقيون، بعد التغيير ومسراته، هو أن تمحو ما مر بهم، من صراخ التوسل، بسبب قساوة جحيم ما مضى، ولغسل الماضي ونسيانه، بماء ورد سياسي رقيق، كما يظنون، فالعراقيون يحتاجون الى بناء الأمل، ولو بحجر صغير وكبير على السواء، بعدما تركت حروب طويلة، لا طائل منها، الحسرة في قلوبهم.
معركة خاسرة أصبحت الحياة، على أجساد الأبرياء، لتسجل لحظات الوداع للزوج، والإبن، والأخ، الذي لن يعود إلا بتابوت قاتم، ليبقي ذاك الكرسي لذلك السياسي الفاسد القبيح، والشجرة يابسة، والبيت بلا معيل، أيام مرة لا نملك منها سوى ذكريات البؤس، والحرمان، تركت آثارها على أجساد الناس، من كل الأصناف.
التغيير بات ذكرى مفخخة، بالألم والفوضى، وثمة لاعب محترف واحد، للنيل من الوطن، بعد نزاع طائفي مقيت، وهو السياسي، الذي أقرح جفون الثكالى، وأدمى قلب التأريخ، وكأنه وحش بلباس ملائكي! فلا رابط حقيقي بين التغيير والمتغير، اللذين أمسكا بخيوط العراق، رغم الفساد والإرهاب.
ختاماً: نرى الأول يركض نحو التاريخ، الذي أمسى تاريخاً أسوداً، ليتوسل الفرح الكاذب، ويلونها بألوان الطيف العراقي الواهم، لكنه أمسى دكتاتوراً، أما الطامة الكبرى، تكمن في المتغير وهي السلطة السياسية الضعيفة، التي باتت تصرفاتها تتناسب عكسياً، مع الوضع السائد في البلد، حتى جعلوه على حافة هاوية مرعبة، من دون مبالاة بشعبهم الأصيل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك