قيس النجم
ليست الطيور على أشكالها تقع دائماً، فالحياة أوقعتنا على غير أشكالنا، وأجبرتنا على كثير من الوجوه التي لا تشبهنا أبداً، والمشكلة أن العراقيين لا يكرهون أحداً مهما أُخطئ في حقهم، لأنهم كالنخيل يرتفعون عن الأحقاد، فيرمون أطيب الثمر على أرضهم.
ما أفرزته أوضاع العراق بعد عام (2014) وتحديداً العاشر من حزيران، حين لبى أبناء العراق الغيارى، فتوى مرجعيتهم الرشيدة دفاعاً عن الأرض، والعرض والمقدسات، هو رسم لوحة للتناغم الوطني، وأفشلوا كل مخططات الأعداء، الرامية لإثارة الفتنة الطائفية.
عندما تصبح الفتوى معولاً ربانياً كبيراً، فأن كبرياء الدواعش قد ذل، وكشف كذبهم، وريائهم، وحقدهم، وكذلك حطمت هذه الفتوى أحلامهم، وغرورهم، ومسحت شعارهم السفيه (باقية وتتمدد) بأقدام رجال العراق الشرفاء.
يبدو أن العراق بحاجة الى فتوى ثانية، تكون بقوة تلك الفتوى التي رسمت النصر بأجمل الألوان، وأروع الصور، ولكن هذه المرة تكون ضد الفاسدين، والمتنعمين بخيرات بلدنا على حساب دماء أبنائه الشجعان، ففي العراق لا رابح من الأزمات، إلا مَنْ يساهم في صنعها، وهم تجار السياسة، وصناع الفتنة أصحاب الكذب والذل، وإلا ما معنى أن تبقى المشاكل الخدمية معلقة غير قابلة للحل، وأيضاً بأخطاء متعمدة غير قابلة للتصديق.
إذا ما بقي ساستنا بهذا الفكر الجاهل والمتجاهل، واللعب على رقعة الشطرنج السياسية بطريقتهم الخبيثة، فأن العالم سينتج لنا ورماً تكفيرياً متطرفاً ثانياً، ليشوه صورة إنتمائنا لوطننا، فهل راعت الحكومات المتعاقبة تلك التوقيتات الوطنية لبناء الوطن، وجعل المواطن وسعادته في قمة واجباتها؟ خاصة وأن أعداءنا متربصون بنا، ويستهدفون كل إنتصار نحققه، ليسحقوا الفرح على أرضنا، ويزرعوا بدلاً منه الموت والدمار.
بداية العلاج معرفة الأسباب، ولا يمكن البدء بالعلاج ما لم تتوحد الصفوف، والكلمات قولاً وفعلاً وبنوايا صادقة، عند ذاك سنقول أن الحكومة إحترمت قضيتنا وهويتنا، التي سالت دماؤنا لأجلها لأكثر من عقد ونصف من الزمن، وستنصف الحكومة شعبها إن عاملته بإحترام، ووفرت له أبسط سبل المعيشة، وهذا هو المطلوب في الوقت الحاضر، لأننا قد مللنا الحروب، والموت المجاني، حتى أمسينا شعباً يبحث عن نفسه.
طريق الحل ليس أحادياً، وإنما يجب أن يكون ثمرة تكاتف الجميع، وعلينا وضع الملف الخدمي في مقدمة الأولويات، وتذكروا أن معركتنا مع الإرهاب لم تنتهِ، وهو أفعى خطيرة مراوغة تحاول البحث عن كل نقطة ضعف، لتنفذ من خلالها الى داخل البيت العراقي.
ختاماً: أفهموا قول الإمام علي عليه السلام :"ما غُزِيَ قومٌ في عقرِ دارِهم إلا ذلوا" وهيهات أن يكون ذلك في العراق إذا ما توحدت القلوب والضمائر والأقوال والأفعال.
https://telegram.me/buratha