قيس النجم
لقد ملأت الملصقات شوارع العراق قبيل الإنتخابات، ولكنها لم تحل مشاكل الوطن، بل على العكس أفرزت نتائج الإنتخابات البرلمانية، التي عقدت في (12/5/2018) مشهداً يصعب فيه تشكيل الحكومة القادمة، و منحت الفرصة للمحيط الدولي والإقليمي بالقيام بما يجب، لإكمال مسلسل التدخلات الخارجية في الشأن العراقي، ليبدو الوضع مشوشاً غير واضح ومخيف في نفس الوقت.
معظم العراقيين باتوا على يقين، بصعوبة تشكيل حكومة خدمات، بعيدة عن المحاصصة وضمن الفضاء الوطني، مما أصبح أمرا عسيراً للخروج من الواقع المزري، الذي وضعتنا به تخبطات الحكومات السابقة، ويبدو إننا لا نستوعب الدرس جيداً من كل المآسي التي عانينا منها.
رسمت نتائج الإنتخابات الأخيرة، وضعاً سياسياً مرتبكاً لا يزال يراوح مكانه، ومما زاد الطين بلة أن القوى الشيعية الفائزة في الإنتخابات، ترفض أن تكون في بيت أو تحالف أو كتلة واحدة، سعياً منها في تشكيل الكتلة الأكبر ولم تستطع، لأن كل جهة بمفردها تعمل لصالح نفسها، وبالتالي أعطت المسوغ لفرض الإرادات، وزيادة التدخلات خاصة الأمريكية في هذه الفترة الحرجة، وهذا ينم عن ضعف الإرادة السياسية، والتي من المفترض إن قناعات القوى السياسية المشاركة في تشكيل الحكومة المقبلة، لابد وأن تكون قد تغيرت، خاصة بعد المظاهرات الجماهيرية الكبيرة التي خرجت من الجنوب الثائر، وكذلك مطالبات المرجعية الرشيدة، واللتين مع الأسف لم تلقِيا آذاناً صاغية من قبل الساسة.
نجد مع الأسف إن كل تحالف أو كتلة فرحة بما لديها، وتأمل في إستمالة الأطراف الأخرى، وتقديم تنازلات على حساب مبادئها، والمواطن هو مَنْ سيدفع ثمن هذا الضعف والتخاذل، وما همُّ التحالفات غير دخول السباق لتشكيل الكتلة الأكبر، وهذا وضع مأسوف عليه جداً، فالعدو يتربص بنا وقد حقق مبتغاه من هذا الوضع، بحيث تفكك التحالف الوطني وبرامجه ومؤسسته، التي كانت تمثل المكون الشيعي.
اليوم قد حقق العدو تطلعاته بتعميق هذا التناحر، والتدافع على المناصب والمكاسب بين القوى، والأحزاب الشيعية مستفيدة من التفكك السني أيضاً، أما المتفرج الكردي فهو بين حانة ومانة، يتحين الفرصة ليأتي بورقة مطالبه قد حضرها سابقاً، لفرضها على من يتنازل أكثر وأكثر، والتي من المؤكد أنها ستكون على حساب مصلحة الوطن، لأن القوى الوطنية ستتنافس على ضم المحور الكردي، دفعاً لتحقيق نصاب الكتلة الأكبر اللازمة لتشكيل الحكومة القادمة.
ختاماً: بعض القوى الشيعية تقدم خدمة مجانية للأمريكان بتعندها، ويبدو أن نظرية الكرسي جعلتها مطيعة الى درجة الخنوع، فلا وجود للوطن والمواطن في قاموسهم السياسي.
https://telegram.me/buratha