قيس النجم
الإنتقال من فشل الى فشل طيلة الفترة الماضية، هي ما دفعت الجماهير الى الخروج والتظاهر، ولأنها لم تلمس تطوراً في أي مجال، بل على العكس كان الشعب يقدم القرابين واحداً بعد الآخر، حفظاً للأرض والعرض ضد عصابات التكفير والظلام، وكذلك مَنْ طالته يد التفجيرات الإرهابية، وآخرها مَنْ سقط صريعاً في ساحات التظاهر للمطالبة بالحقوق البسيطة، مع أن الحكومة تدعي حق الجماهير في التظاهر السلمي، وهو حق أقره الدستور العراقي، وليس منية من الحكومة.
العراقيون لم يخرجوا الى التظاهر إلا بعد أن طفح الكيل، وأن الاحتجاجات إزدادت مع تفاقم الفشل والفساد للحكومات المتعاقبة، وبالتالي فإن التظاهر والخروج الى الشارع العراقي، والنزول في الميدان لغرض التغيير هو 100% قضية وطنية وشرعية وإنسانية، فلا يعقل أن هذه الجماهير دفعت الغالي والنفيس، ومع ذلك لا تستطيع العيش كما يعيش الآخرون، خاصة وأن مطالب المتظاهرين واقعية وبسيطة وقابلة للتحقيق، وهي دون المطالب الحقيقية للشعوب.
التغيير لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها، ولكن في نفس الوقت يجب السعي والمطالبة وإنتزاع الحقوق، وتحديداً بعد ما أصرت الحكومة الحالية على التشبث بالمناصب والمكاسب دون إهتمام، يذكر بما تعانيه المحافظات، مع تأكيد المرجعية الدينية بضرورة توفير الخدمات والإستقرار والأمن.
إن الأمر لدى الجماهير الحاشدة الغاضبة قد خرج عن السيطرة، وهو ما حدث في البصرة المظلومة، ولأن الحكومة لم تثبت جدارتها، في تحل المسؤولية الكاملة لمعالجة مشاكل العراق، فالأجدر أن يكون العبادي على قدر ما وصلت اليه الأمور، وأن يقدم إعتذاره للشعب مع تقديم إستقالته على الأقل، لحفظ ما تبقَ من ماء وجه حزبه، إذا بقي منه شيء!
لا ننكر أن الإحتجاحات حق دستوري للجماهير، لكنها في الأونة الأخيرة إنحرفت بمسارها وخطها الوطني، وبدلاً من تنحية الفاشلين والفاسدين، قام المندسون والملثمون الجبناء ليلاً بحرق مؤسسات الدولة ومقرات الأحزاب والحشد، في محاولة بائسة لضرب القوى الشيعية مع بعضها البعض، تنفيذاً لأجندات خارجية مشبوهة، يراد منها إثارة الفوضى والخراب.
إعادة الإعمار والبناء ما خربه المندسون، يتطلب أموالاً كثيرة، وستأخذها الحكومة من ضلع الشعب، وبالتالي يتضرر المواطن الشريف المطالب بحقوقه المشروعة بسلمية، وتلجأ الحكومة الفاشلة الى الحلول الترقيعية لإسكات الجماهير، كما أنه من المهم الإشارة الى أن تعنت الحكومة المتعمد، وتقصير الأكثر تعمداً لإبقاء الوضع المتردي في المحافظات، يجعل من الحكومة مجرد مجموعة من اللصوص والسراق، أبدع فيها الحزب الحاكم بفشله الذريع في إدارة الدولة، رغم أن القضايا التي طالب بها الشعب، هي مطالب سهلة التطبيق.
نطالب وبشدة إيجاد شخصية وطنية نزيهة كفؤة لقيادة المرحلة القادمة، بما تحملها من تحديات ومعوقات، وبما أن الحزب الحاكم فشل في إيجاد هذا الشخص، فلماذا لا يتم إيجاد البديل من أحزاب أخرى تجلب لنا الخير، وتنسجم مع متطلبات الشعب العراقي؟ وخاصة فيما يتعلق بقضاياه المطلبية المشروعة، مع الإشارة الى أن العملية السياسية، لا يمكنها أن تستمر بدون الأحزاب، ولكنها بنفس الوقت مطالبة بتقديم بدائل وطنية شجاعة، تستطيع إصلاح الوضع المتردي، وفق سقوف زمنية ملائمة.
ختاماً: عن قريب ستسقط رؤوس كبيرة قرباناً للتظاهرة، ومَنْ يجلب الكأس ممتلئاً بالماء، الذي جعل منه كل شيء حي، فإنه الأصلح لقيادة الوطن والدولة والشعب بعيداً عن مفاهيم السلطة، والحكم والنفوذ، وهذا ما تطلبه تظاهرات الجماهير، وهي مهمة ليست بمستحيلة!
https://telegram.me/buratha