مهند ال كزار
من كتاب هايردال حملة دجلة ـ في البحث عن البداية "هكذا هو الهور في عيني زائر غربي, فكيف يكون بعيون أبنائه الذين شيدوا أولى الحضارات الإنسانية, فما الأهوار؟"
كانت خيمة كبيرة تضم تحت أجنحتها أبناء المعارضة الشريفة, والمضطهدين والمحرومين, ومن تركوا منازلهم بسبب سياسات النظام البائد, فقد واجهت معهم كل الحملات التي قادها البعث, لتجفيف الروح والجسد, فقد أراد النظام الخلاص منها قبل الخلاص من أبنائها الاشداء.
بعد تنفسها لعبق الحرية, وعودت مياهها اليها من جديد, ورجوع طيورها التي هاجرت منذ زمن بعيد, ورفعت بيارق سومر القديمة موطن الحضارة, وسرقت الاضواء والانظار من كل المحميات, حتى تعالت الصيحات والدعوات لكي تكون تحت رعاية اليونسكو, الا ان تطور الحروب في عالم اليوم قضت على كل هذه الاحلام .
عداوة الانسان للأنسان, جعلته ينتقل من حرب التكنولوجيا والتطور العلمي الى حرب المياه!, وهي التي كنا نخاف منها بشكل كبير, وحذرنا منها منذ زمن بعيد, وقد بانت بوادرها منذ محاولة تنظيم داعش الارهابي السيطرة على ناظم الثرثار, وسد الموصل, وتغير مجرى نهر دجلة.
أعلن محافظ ذي قار يحيى الناصري في (الأول من حزيران 2015 الحالي), الاهوار منطقة منكوبة, نتيجة الجفاف وشحة وتلوث المياه في حوض نهر الفرات, ومصادر المياه الاخرى المغذية لمناطق اهوار الناصرية.
الاهوار تشكل خمس مساحة محافظة ذي قار،(350 كم جنوب العاصمة بغداد)، وتتوزع على 10 وحدات إدارية من أصل 20 تضمها المحافظة، إذ تقدر مساحة أهوار الناصرية قبل تجفيفها مطلع تسعينات القرن الماضي، بمليون و48 ألف دونم، أما المساحة التي أعيد غمرها بالمياه بعد عام 2003 نحو 50 بالمئة, من مجمل مساحة الأهوار.
مشكلة الجفاف في مناطق الاهوار, ادت الى تسجيل اكثر من الف اصابة بالإمراض الجلدية, والأسماك, وتحول مناطق الاهوار الى اراضي صحراوية, وتعرض أكثر من 27 ألف رأس من الجاموس, الى النفوق على خلفية الازمة المائية, التي تتعرض لها أهوار الجبايش, ونزوح اعداد كبيرة من المربين الى مناطق اخرى قريبة من نهر دجلة باتجاه محافظة ميسان.
واقع المياه الحالي في مناطق الاهوار واقع بائس جدا, ويتطلب من الحكومة وقفة جادة وحقيقية, للضغط من خلالها على دول مصادر المياه, ومنها تركيا, لإطلاق كميات كبيرة من المياه, لمعالجة ما تتعرض له المحافظات الجنوبية ومنها ذي قار.
على وزارة الموارد المائية تحديد حصة مائية, من نهري دجلة والفرات لتغذية مناطق الاهوار الجنوبية, لانعاش المساحات الكبيرة, التي بدأت تتحول الى مناطق صحراوية.
ضرورة وضع دراسة لواقع الاهوار, وعدم الاعتماد على الحصص الواصلة للجنوب, وان تتضمن التخلص من نسبة الملوحة, وتفعيل المشروع المتوقف الذي يختص بالمبازل وتقليل الملوحة في المياه.