قيس النجم
ما يبدع فيه العربي دائماً هو العيش في الماضي التليد البعيد، دون أن يصنع لنفسه حقائق أخرى ترفع من مستواه؛ وتضاف إلى حقائق ماضيه الذي يعتز به، ويعتبره مقدساً خوفاً من أن يدنس بأفكار الغرب المتحضرة، وهي ما جعلت العقل العربي متحجراً، ذا نظرة محدودة على قدر يسير من الفهم، فكل ما يعرفه من معايير تتعرض للنهب والسلب، مع كل ثورة تحدث هنا أو هناك.
نحن العرب متفقون على أن يقدر التاريخ، فمن لا يهتم بتاريخه سيضيع مستقبله، لأننا يجب أن نتعامل برؤيا الاستحضار، لا بطريقة الاستذكار، ليكون منهجنا بناء تاريخ يشار لنا فيه بالبَنان.
لو أردنا أن نواكب الحضارة؛ وجب علينا التميز والانفتاح واحترام جميع الحضارات، مع المحافظة على الخصوصية العربية الإسلامية، والخروج من النمط الكلاسيكي، الذي لا يعطي نفعاً في الحياة المتطورة، مع نضوج الثقافة الغربية، وعلى حساب الثقافة العربية الأصيلة، التي اتخذت من القرآن الكريم أساساً لها، لكنها لم تستطع أن تترجمه الترجمة التطبيقية الصحيحة كما درسه الغرب، ولهذا نجدهم يطبقون بعض سلوكيات الإسلام، إلا أنهم غير مسلمين.
غزو فكري سعى إليه الغرب في بدايات القرن الماضي، لطمس الثقافة الإسلامية وزرع التطرف والتكفير، فمنذ ذالك الوقت وحتى يومنا هذا نجد أنهم تمكنوا من خلق مجموعات، ليست لها علاقة بالدين ولا بالإسلام، مثل (داعش) ومن قبلها (القاعدة) وما على شاكلتهم، من تيارات وهابية سلفية تكفيرية، وتدريبهم تدريباً كاملا ودعمهم مادياً، للقيام بواجبهم المكلفين به، وهو إعطاء صورة بشعة عن الدين الإسلامي، وقد نجحت بعض الدول الغربية، وبمباركة إسرائيل، وأتباعهم من العرب الخونة في ذلك.
إرثنا فوق الأكتاف، لكنه ينهك الهامات، ويحولنا الى جثث تحت سنابك خيول الفاتحين؛ فيحضرون لنا تراثاً جديداً، وهذا ما يجعلنا نعيش محنة الأخلاق والوجود في آن واحد، بيد أن حضارتنا شجرة مثمرة تدر عليهم الخيرات، لكنهم يرمونها بالحجارة.
ختاماً: نحن لسنا بحاجة إلى ثقافة مستوردة، تمس ديننا وشريعتنا، بل بحاجة إلى التطور والإبداع في ثقافتنا الأصيلة، ودعم التلاقح النقي الصادق مع ثقافات العالم الأخرى، بشرط ألا تقلل من قيمة ديننا الحنيف.
https://telegram.me/buratha