قيس النجم
جسد عملاق مؤطر بفتوى المرجعية الرشيدة، يعيش على يده، داعش الإرهابي أيامه الأخيرة، في جهود أعدها الباريء عز وجل، لتنطلق جحافل المتطوعين تلبية للنداء الكفائي، دفاعاً عن الأرض والعرض، ومع إفتتاحيات التحرير السابقة التي بدأت بجرف النصر، وأطراف بغداد، وآمرلي، وتكريت، وديالى، وبيجي، والرمادي، والموصل، سطر أبناؤنا مزيداً من الإنتصارات، وحرروا الارض بالكامل.
إنهم ثلة مؤمنة مجاهدة، لبت نداء الرب، لتقديم الغالي والنفيس، من أجل العراق والعراقيين بكل مكوناته، لكن السؤال الذي يطلق الى أعنان السماء: هل قصّر الحشد الشعبي، في خوض معركة المصير والوجود؟ لتتصاعد الشعارات، التي تسعى الى تضعيف منظومته، ومصادرة جهوده، والتقليل من دوره وإضعافه، وبالتالي نجد الأعداء يحاولون تذويبه وإلغائه بكل بساطة.
تعتقد أمريكا أن بقاء الحشد الشعبي، الذي تعتبره جناحاً عسكرياً تابعاً لإيران، في منظورها القاصر، وهذا بحد ذاته تعده إنتصاراً إيرانياً لوجود قوة لهذا الجناح، وتأييد كبير من المواطنين، تتقاطع مع رغباتها، ويجب إضعافه، وبالتالي إيقاف إيران وإضعافها في العراق، فتجدهم يضغطوا على الأحزاب الإسلامية التي كانت نواة حقيقية لهذا الحشد المقدس، وكذلك سعيهم للضغط على المرجعية، بعدم الوقوف بوجه هكذا مشروع رغم خباثته، وهو حل هيئة الحشد الشعبي.
الدخول على المرجعية من باب، أن الحشد وجد لمحاربة داعش، وقد انتهت داعش، لذا انتهى دور الحشد، فلا داع لوجوده، فإما ألا تعترض على حل الحشد، وتأخذ جانب السكوت، أو أنها تبدي موافقتها على مقترحهم الخبيث، بإكتفاء الحاجة، بعد إنتهاء مرحلة داعش.
أمريكا وأذنابها من الساسة، الذين صنعتهم، لمثل هذه الأغراض الخبيثة، فأنها تؤكد سعيها لتمزيق الممزق، وتقسيم المقسم، عن طريق حل منظومة الحشد الشعبي، الذي كانت تضحياته واضحة ناطقة، وذلك لإضعاف أمن العراق، والسماح للإرهاب بالتمدد أكثر، والدخول الى كل محافظات، خاصة بعد أن قدم الحشد الشعبي، دروساً في الولاء والتضحية، والخبرة العسكرية، والإصرار على هزيمة داعش، وإستطاعت تحرير المدن، الواحدة تلو الأخرى، فأحرجت قوات التحالف ومَنْ معها، وكشفت زيفهم.
الطرق التي إتخذوها للضغط على المرجعية، كالآتي أولاً: تشكيل فرق عمل جادة، لصناعة الإساءة تجاه الحشد الشعبي، وتشويه سمعته، إذن لماذا المرجعية تدافع عن شيء سيء؟ وهذا ليس من صالحها، وثانيا: يردد الساسة والمبغضون للحشد، بأن الجيش العراقي، والقوات الأمنية الأخرى، كالشرطة الاتحادية، والمخابرات، وقوات مكافحة الإرهاب، هم أقدر على حماية أمن البلد، متناسين أن جيشنا قد إنهار، وقدم صورة بائسة، في زمن الحكومة السابقة، وكانوا أوضح دليل، على عدم قدرتهم، لمواجهة الأعداء والتحديات، وحماية حدود العراق، الخارجية والداخلية.
لولا الفتوى الجهادية، لسماحة السيد علي السيستاني( دامت بركاته)، وتشكيل الحشد المقدس، الذي إنتفض لتحرير المحافظات الغربية، لأستبيحت الأراضي، ولإنتهكت الأعراض، ولأسقطوا بغداد بكل سهولة، بسبب ضعف الجيش، وسوء إدارة ملفات الأمن، وعندما ينادي الوطن، والإستجابة تأتي بمستوى تلبية النداء، فإنها أثبتت عمق الارتباط، بين المرجعية وأبناءها، وكانت التضحيات ومعارك التحرير، خير دليل على عمق الولاء والوفاء، لهذه المرجعية العليا، التي إستشعرت الخطر، فهي لم تعلن الجهاد، منذ ما يقارب مئة عام، لكنها في هذا الوقت بالتحديد، أعلنت فتواها العظيمة.
عندما أغلقت المرجعية الطريق، أمام الأعداء محلياً، وإقليمياً، ودولياً، وذلك ما أغاض أمريكا، وتحاول بشتى الطرق، الضغط على الحكومة، للتقليل من حجم التحركات، والإنتصارات، التي أحرزها الحشد المقدس، وبذرائع واهية منها، أن المعركة مع داعش انتهت.
ختاماً: أمريكا لا ترغب بوجود جسم غريب في تصورها، مكتنز بالعقيدة والولاء للوطن والمرجعية، وهي تسعى لحله، بغية الإستغناء عنه، فهو تشويه لصورتين ناصعتين، في الحياة السياسية الحالية، وهما الأحزاب الإسلامية، والحشد بما قدمه من تضحيات، وفتوحات رغم قلة الدعم.
https://telegram.me/buratha