قيس النجم
قيل إن النجاحات العلمية تأتي من أشخاص تعرضوا لظروف قاهرة، إنفردوا في مواجهتها ليتفردوا بنتائجها الباهرة، فكيف بقضية كربلاء وعاشوراء والعشق المليوني المتزايد يوماً بعد آخر، فبقاع الكون كله باتت كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء، فهل النجاح العالمي يفي بهكذا تسمية وبتلك التضحيات؟ وما هو مقدار التفرد والتميز، في القضية لتكون عالمية وبإمتياز؟! والجواب هو أن حب الحسين جمع العالم، ويجمعه اليوم، وسيجمعه الى يوم يبعثون.
كربلاء منهج ورؤية وأساس ومنطلق لتجمعنا وتوحدنا بكل المجتمعات الإنسانية، لأن تضحية الإمام الحسين لم تكن خاصة بفئة، أو قومية، أو مذهب، بل هي تضحية للبشرية والإنسانية جمعاء، وقد تتفاوت نسبة التفاعل مع القضية، لكن قضية المظلوم وقصة إنتصار السيف على الدم، أمر جعل من الشعوب المحاربة للقمع والإستبداد أكثر تفاعلاً مع مفاهيم ورسائل واقعة الطف، ومنهم الشعب الإيراني الصديق، الذي طالما حرص على إحياء مبادئ الثورة الحسينية، وإستلهم منها مفاتيح النصر في كل معاركه، لأن الرساليين لا يعرفون الراحة في الساحة، بل يتذوقون الكرامة والحرية؛ والسبب طريق مسيرتهم على نهج سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام).
الخروج المليوني للوفود القادمة من الجمهورية الإسلامية في إيران، والسائرة نحو كعبة الأحرار، إنما تتحدى بمسيرها الولائي في الأربعين، كل الطواغيت على مدى الدهور وكر العصور، ليبعثوا برسالة مفادها: لن نكون عبيداً للظالمين، ولن يحكمنا مستبد أو دكتاتور، وهو أمر إشترك فيه العراقيون مع جارتهم الصديقة الجمهورية الإسلامية في إيران، خاصة وأنها اليوم تتحدى عقوبات ظالمة فرضت عليها من قبل أعداء الإسلام الحنيف، وممَنْ يحاولون طمس الشعائر الحسينية، التي علمت كلا الشعبين اللذين ركزوا بين السلة والذلة، لكنهما أطلقوها بصوت مدوٍ: هيهات منا الذلة.
توافد أكثر من مليون ونصف المليون زائر إيراني على كربلاء، في حشد حسيني رافض لكل أنواع الظلم، ومتحدٍ للطواغيت في العالم، فلم تهمهم العقوبات الاقتصادية، بل باتوا على الحدود العراقية الإيرانية معلنين إنطلاق الموج الحسيني الثائر، لمواساة عقيلة الطالبين، مستمدين العزم على المضي في درب سيد الشهداء متوشحين بثقافة قل نظيرها في العالم، وهي ثقافة العطاء والتضحية بالنفس، لأجل الإصلاح في الأمة.
ختاماً: لا يمكن للشعب الإيراني المسلم التوقف عن عطائه ومسيرته صوب كربلاء، لأن هويته وقضيته حسينية البقاء، والزائرون الإيرانيون المجانين بحب الحسين، تصدوا بموجهم المليوني الزاحف كل محاولات الأعداء، لهدم الإنسان ومحو الدين، لأنها مكاشفة علنية صارخة بوجه قوى الإستكبار العالمي، وقد خسر الحاقدون الرهان، وكل مَنْ أرادَ ان يضع المطبات المذهبية والقومية في عجة الإخوة العراقية الإيرانية.
https://telegram.me/buratha