قيس النجم
العراقيون يسألون: هل تؤثر فينا عبارة ( إن الله يراك)، كما تؤثر عبارة (المكان مراقب بالكاميرات)؟ والجواب سيكون مختلفاً تبعاً لأوضاع الإنسان وشخصيته، وكذلك حجم إيمانه، وطريقة تواجده بالمكان والزمان المناسبين، وإلا فالإنسان المؤمن يدرك جيداً، أن الله موجود في كل مكان وكل زمان، وهو الذي لا ينام جل وعلا. إن إصدار الأحكام على الآخرين بإجحاف، وأيضاً المبالغة في النصح، يؤدي الى تنمية الكراهية، وتعميق الأحقاد، وقد تؤدي بدورها الى خلق الصراعات والنزاعات، وقد تصل لا سامح الله الى الحروب. أصل الأزمة بين إقليم كردستان والمركز، أو بين بغداد وأربيل، يتمثل في غياب مفهوم بناء الدولة العراقية الجديدة، مع وجود الدستور الذي كتب بأياد عراقية، ومن ضمنهم الكرد، فالسياسة ورجالها من الأشباه والسراق، شوهوا خارطة العراق بالتسويف، والمماطلة، والتكاسل، وعدم الجدية في تنفيذ القانون، وتغييب المواطنة ليتقاتل العراقيون على مر السنوات التي أعقبت (2003). نعلم جيداً إن أزمة الكورد ليست وليدة اليوم، بل هي قضية أكل عليها الدهر وشرب، بما أنهم وافقوا على أهم بند من بنود الدستور العراقي، الذي صوتوا له ووافقوا عليه أبان عام (2005)، وهي المادة الأولى من الدستور، التي تنص على أن العراق واحد موحد، إتحادي فيدرالي، لكن الخطأ الأكبر لهؤلاء الساسة، هو إبقاء المشاكل والأزمات على حالها دون حلول جذرية، فالصمت، والتجاهل، واللامبالاة، وترك الحبل على الغارب بإرادتهم، أو بأوامر من أسيادهم، هي من أسباب تفاقم المشكلة، لتصل الى مرحلة متقدمة، والتلويح بالحرب والدم بات أمراً طبيعياً. العراقيون أمام مفترق طرق، إنها قضية أكون أو لا أكون، وتشير التوقعات الى أن إصرار الكورد على إجراء الإستفتاء، مع إستمرار محاولات المجتمع العربي، والإقليمي، والدولي، الرافض لقيام دولة كردية وسط منطقة ملتهبة، ستنعكس هذه التجربة على دول الجوار، التي يراد منها اليوم إشاعة الإستقرار، وليس التشتت والإنقسام، والتعنت بالرأي حسبما يفعله ساسة الكرد بعراقنا الجريح. خارطة العراق بعد عام (2003)، لم تُرسَم بيد عربية فقط، بل شارك الكرد بوضع حدودها، ولم ينفصلوا عن إخوانهم العرب في معارك التغيير والإصلاح، رغم ما يشوب سياستهم من تفضيل للمصلحة القومية، لإقرار القوانين المفصلية التي مرت بالعراقيين، ولكن من الصعب إنكار تواجدهم لأنهم شركاء في الوطن. ختاماً: لم ولن تُرسَم حدود كردستان بالدم يا مسعود، فدماء البيشمركة، والجيش العراقي، والحشد الشعبي والعشائري إمتزجت معاً، ولن تستطع يا بارزاني، أن تفرق بين دماء الرجال الأبطال المضحين، فهم مَنْ رسموا خارطة الشرف لعراق موحد.