قيس النجم
حديث عن الواقع العراقي، هو حديث عن التغيير في السلوك والتفكير، وطريقة مواجهة أعدائنا، وإنتصار تجربتنا بعد زوال النظام الدكتاتوري، مع أن العملية الديمقراطية منذ عام (2003) ليست مثالية ولا حتى متكاملة، لكنها بلغة الشجعان ولادة مخاضها كان عسيراً، وتكونت بمرور السنوات معطيات سياسية وإقتصادية، أرهقت المشهد العراقي، وفي الوقت هي خطوات مهمة، مقارنة بالظروف التي كان يرزح تحتها عراقنا المظلوم.
ما جلبه لنا الفساد من تراكمات خطيرة، تبعاتها ليست وليدة اللحظة، بل هي في الأصل نتيجة طبيعية لساسة لا يفقهون من السياسة شيء، فالتشوهات التي طالت العملية السياسية على أكثر من صعيد، إنما هي دروس وعبر يستفيد منها شخص، يتميز بعبقرية إدارة الموقف، وعدل الحاكم، وزهد العابد، وشجاعة الفارس، وأعتقد أن هذه المواصفات، تنطبق على بوصلة أمان العراق وسفينة نجاته، وهو السيد علي السيستاني (دامت بركاته)، والذي تعلقت به نفوس الأحرار في عراقنا الجديد.
زيارة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش، الى سماحة السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف)، إنما هي تأكيد واضح على حجم أهمية المرجعية الدينية، في توجيه الأمة نحو الإصلاح والتغيير، وهي رسالة بليغة لمَنْ يحاول إفراغ محتوى المرجعية، ودورها في قيادة الجماعة الصالحة، لتؤكد المؤسسات الأممية بأن هذا الرجل، أخذ على عاتقه زمام المبادرة، فنصح الأمة، وبلغ الرسالة لبناء عراق جديد، ولكن هل يريد السيستاني عراقاً جديداً بالفعل؟!
مكافحة الفساد، وإعادة النازحين الى مناطق سكناهم بالشكل اللائق، وتوفير الخدمات الضرورية لهم، وإعادة إعمار مناطقه المحررة، وتحقيق خطوات حقيقية للنهوض بالواقع العراقي على جميع المستويات، كما أن مسؤولية الكلمة التي يلقيها وكيل المرجعية الدينية العليا في خطب الجمعة، للسيد أحمد الصافي، أو الشيخ عبد المهدي الكربلائي، إنما هي رؤية واضحة لقيادة مسدد إلهية، لا يهمها المنصب بقدر إهتمامها بالمشروع، والإنطلاق نحو الهدف بالوسائل الصالحة.
دائماً كانت وما زالت تشدد المرجعية الرشيدة، على ضرورة الحوار السياسي البنّاء، وتغليب مصالح العراق العليا على المصالح الشخصية والحزبية، وهنا تعني المرجعية ممثلة بزعيمها السيد السيستاني، أنها تريد للعراق بعد (15)عاماً من الإخفاقات، أن يكون عراقاً جديداً .
العراق الجديد الذي يراد له الظهور، هو أن يمثل عنصر قوة إقليمي داخل المنطقة الملتهبة، لا أن يكون طرفاً فيها أو ساحة للصراع، لأن إنتصار العراق بفتوى المرجعية الدينية العليا، غيرت معادلات المنطقة، والعالم التي عملت فيها قوى الإستكبار العالمي بكل جهدها، لإعادة العراق لعصور الظلام والقمع.
ختاماً: نحن على يقين بأن زيارة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة للسيد السيستاني، إنما بسبب إدركها جيداً أن كلام هذا الرجل العظيم، يمثل (الفيصل، والمحور، والقرار، والمنطلق، والملتقى).
https://telegram.me/buratha