قيس النجم
هناك مَنْ يتمنى بل وينتظر في عالم الإعلام الحالي، الهزيمة أكثر من تحقيق النصر، لأن الأمر الأول يجعل الحدث مادة دسمة، للسانه السليط، وعقله المجنون، من أجل التسقيط والتشهير، فلا مكان للإنسانية غير مشاهد الدموع والدم، والمنظر الحزين ما بين جريح، وشهيد، ويتيم، ومدن مسبية.
إن أغلب الأخبار للوسائل الإعلامية بكل اشكالها، قد تأخذ مساحة كبيرة في مجتمعاتنا المهيأة أساساً لتقبلها، وتناقلها فيما بينها، وتخلق جواً من التشاحن والتصدع، فتظهر الأزمات، وتستشيط الوجوه غضباً من هذا الابتذال الإعلامي، وسعيهم الخبيث لبرمجة عقلية المواطن العراقي على التعنت، والتعصب والتشنج، ضد أي شيء يتم عرضه، أو الكتابة عنه على الشريط الأخباري لأية قناة فضائية، أو صحيفة ورقية.
لا يمكن أن نكتفي بالكلام أو الكتابة، ونقدم للجماهير عبارات المجاملة او التصعيد أو التلفيق، في حين أن الحقائق تصبح غائبة وغير معلنة ويتم تسويفها، ليدفع المواطن ثمن أكاذيبهم وإعلامهم المضلل من أعصابه، ويصل الى مستويات خطيرة من النقمة، والحرب النفسية ضد الوضع السياسي القائم، في حرب إعلامية ناعمة لكنها مسمومة، ومؤذية في كل المجالات.
كما أنه من المفترض أن تكون الوسائل الإعلامية داعمة للحق، من أجل مصلحة البلد، لا أن تكون سبباً بتعطيل وتشويه العمل الجيد مهما كان، من خلال الجمع وخلط الأوراق، وتنتبه الى ضرورة الدفاع بقوة عن كل خطوة تصب في صالح الوطن والمواطن، بغض النظر عن الإنتماءات الحزبية والطائفية والقومية، وضروري جداً أن نغلق الأبواب المضللة، لنخرج منتصرين فكرياً وإعلامياً.
يقول الروائي تشيخوف: (إن تجيد الكتابة، فعليك أن تجيد الإختصار) فالإعلام المحترم الذي يوسع من مساحات الإلتقاء، ويقف على الحياد تجاه التقاطعات التي قد تحدث هنا أو هناك، تعتبر مؤشرات مختصرة ومضيئة، وكأنها خارطة طريق واضحة ومحنكة لمَنْ أراد قيادة الواقع الإعلامي، لأية قناة أو محطة أو جريدة، فالإعلام المنتج للحدث أو الخبر، والذي يتصف بالثبات والمصداقية والمهنية، إنما يستمد مادته من الواقع المحيط بنا، وهذا لا يخص الحدث السياسي والأمني والعسكري، بل يجب أن يتعداه الى الشؤون الثقافية، والسياحية، والاقتصادية، والرياضية.
عندما يصبح الإعلامي (النص ردن) على رأس هرم لمؤسسة إعلامية لحزب ما، او كيان معين، وهذا أمر معمول به في اغلب الأحيان لدى احزابنا، عندها سيقاتل المتملق بقوة من اجل الباطل، ويصنع من الوجوه المشوهة والفاسقة والفاسدة والشياطين ملائكة، ويسحق بقدميه كل مبادئ وقيم الاعلام.
ختاماً: نحن بحاجة الى جرأة الطرح، ووحدة الخطاب، ووضوح المنهج، بشكل يدفع الجمهور للإنسجام مع المشروع أو الخبر أو الحدث، والاعلام يحتاج الى قيادة وإدارة متمكنة غير متملقة قادرة على التأثير، من أجل تنظيفه من المتطفلين والشوائب والامراض، ومكافحة الإعلاميين (النص ردن) وتعريتهم.
https://telegram.me/buratha