عمار عليوي الفلاحي
من المستطاع القول، ان العشيرة تمثل دعامة اجتماعية لها خصوصيتها، ليس في العراق فحسب، بل بمعظم دول الشرق الاوسط. والدول العربية إجمالاً، لما تلعبهُ القبيلة من دوراً ريادياً، في خلق حالة من أنماط التوازن الإجتماعية على مختلف الأصعدة، كإصلاح ذات البين ، وكذلك الامور الأخلاقية ، منها شعور الفرد بأنه ليس طليقاً بتصرافته المنافية للعرف والقانون ،مما يشكل رادعاً للسلوك المنحرف، فيما كان لها قصب السبق بالكفاح الجهادي، كوقوف عشائر العراق الى جانب الحوزة الشريفة.منذ إندلاع "ثورة العشرين الخالدة"وصولاً الى دعمها الحشد المقدس والقوات الأمنية، وتلبية نداء المرجعية الرشيدة ،بدحر الإرهاب المقيت، وكذلك عملت العشيرة على إرساء مفهوم التكافل الإجتماعي، ومن مصاديقه " الودي العشائري" الذي يواجه بموجبهِ الفرد نوازل الدهر، عند إرتكابهِ الأخطاء الطبيعية، عتدندما لايتمكن من دفع الخسائر والديات، أو وقوفها معه معنوياً في ملمات الزمان، ومشاركتها له في أفراحه وأتراحه، وهذه جملة من مزايا، يفتقر لها الافراد الذين لاينضون تحت راية عشيرة ما، مهما بلغ موقعهم الإجتماعي،
ولم يكن دور العشائر الإيجابي، بغائب عن توصيات الشارع المقدس حيث قال تعالى مخاطباً نبيه الاكرم، في سورة الشعراء المباركة، (وأنذر عشيرتك الأقربين) كما ورد عن أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام، في ذات المجال. عليه السلام، عشيرتك جناحك الذي به تطير،لاشك ان إيلاء الشريعة المقدسة، صفة الإهتمام لدور العشيرة على مستوى الفرد والمجتمع، متواسقاً مع اهميتها البالغة. بإعتبارها حلقة ترابط إجتماعية مهمة، تتاح للفرد من خلالها مسايرة واقعة، بأسلوبٍ منتظمٍ وقويم
لكن ليس بمقدورنا إنكار إن جملة من العشائر، إعتراها مفهوما دخيلاً عليها . يعرفُ (بالعنف العشائري) وهو مفهوم مغاير لسلوك العشائر الأصيلة، حيث يقوم هذا النمط المستهجن على إلحاق الأذى بالناس وتعريضهم للإضطهاد المرفوض بكل المقاييس.ط، والمتعارض مع منظومة القيم الشرعية والقانون، سيما وإن جملةٍ من وجهاءالعشائر، إتخذو مفهوم (العنف العشائري) كصبغة وعلامةٍ فارقة ليتميزو بها عن غيرهم، وأصناف العنف القبلي متعددٍ . ولايمكن إختزالهُ. بسلوك واحد ، بل هو ينطوي على مجموعة اوجه،والا يتوقف عند إستخدام القوة على قباحتها، فمنهم من أستهدف المراة المسكينة، لتطبيق التعسف، كحصر زواجها بإبن عشيرتها، أو من يدانونهم بالشرف العشائري ، "على حد إعتقادهم الواهم" حيث يتعارض هذا المفهوم مع المنطق القرآني القويم قال تعالى(إن أكرمكم عند الله أتقاكم) مضافاً إلى إن هذا النمط من تأخير الزواج او الزواج القسري، يتمخض عنه أمران مهمان، الاول إن حصر الزواج بالأقارب. ينتج عنه تدوال بالجين الوراثي مما يسبب العوق ، وهذا واضح في العشائر المتعصبة من هذه الناحية. والامر الثاني. إن رفض زواج البنت من الأجنبي عنها. يفوت الفرصة للبنت الشابة. من ان تعيش شبابها بكنف زوج وسعادة أبناء، إن لم تفوتها الفرصة نهائياً ، وتقضي عمرها تحت رحمة الغير ومرارة العنوسة. فيما إعتمدت عشائر أخرى مبدأ (الكوامة) كعنوان لها تستخدمه متى شاءت وعلى اتفه الاسباب، وتنتهي غالباً، (بالدكة العشائرية) والتي تعتبر الأخيرة إستخفافاً بالشارع المقدس. والقانون العام، لما له من قتل النفس المحترمة التي أحياناً صاحبها خارج الصراع العشائري حتى، ناهيك عن ترويع الناس الامنيين، كذاك حال (الرمي العشوائي) فهو يعتبر ايضاً نوع من انواع العنف العشائري، خلف العديد من القتلى والمصابين بالشلل وسائر الإصابات المعقدة. بدون أدنى سبب، ولم يقتصر الحال على ماتعارف من أساليب العنف العشائري المتوحش. بل قام بعض الجهلة بإستحداث حرق المنازل. الذي لايقل عنفاً من سابق أساليبهم.
لم توصد الحوزة الشريفة بابها سابقاً وآنياً بوجه أي طالب لبيان الحق، والرأي المفرغ للذمم، فهذه اليد الممدودة من قبل المرجعية الرشيدة، لحلحلة الأمور المعقدة،والمتوافقة مع جزاءات القانون العام، هي بمثابة إشارة حجة بالغة، أمام الله والمجتمع، تلزم متبني ثقافة" العنف العشائري" بالرجوع الى الرشد والصواب، وان يكونو عوناً لمجتمعهم لافرعوناً. خصوصاً ونحن نعيش بين ظهراني وطنٍ، لازال ينزف الجراحات تلو الجراحات، لم يرى هوادةٍ يوماً ما،
متاح جداً إيجاد الروى الكفيلة، بتغير بوصلة بعض العشائر من إتجاهات " العنف القلبي" الى حيث مسارات الود والتوافق المبني على أساس شرعي وقانوني محترم، وذلك من خلال إقامة المؤتمرات "صادقة النوايا" تبلور مخرجاته للخروج من طائل الأعراف القبلية ابتي ماانزل الله بها من سلطان، مع اخذ مواثيق رؤوساء العشائر. كما يلزم الخارج عن الميثاق بالمقاطعة الفعلية، ليكون عبرة لمن تسول له نفسه الإضطلاع بأوجه العنف العشائري، مع بث منطق الوعي الثقافي المجتمعي، المندد بالعنف بإسلوبٍ سهل ممتنع. لايعتمد منطق الارض المحروقة بالإتهامات. بحيث يجرم الجميع، لان جملة من عشائرنا وشيوخها لازالو على قيد المسؤولية المتشرعية والعقلية والقانونية السليمة،