عمار عليوي الفلاحي
تشتركُ معظمُ الأعراف الإجتماعيةِ، والطبائع البشرية، بعامل الإمتزاج والتشابك الحالك في مابينِ أصلها وبين من يشبهها تصرفاً في السلوك والشكل ،لكن الفرق يكون موجودٍ فيها بالمضمون، يكادُ الفصلُ بينهِما يكونُ مقدارَ شعرةٍ،لكنه يختلفُ عنها بفارقٍ كبير في الوقت ذاته، كإختلافِ الجديدانِ، فَكلما أقتربنا من الليلِ أبتعدَ عنا النهارِ وهكذا، ومن مصاديق الشبهِ والإختلافِ فيما بينَ الصفاتِ، "كالكرمِ والتبذير""والشجاعةِ والتهور" والبخلِ والحرصِ" وأهم تلك القيمِ" الحريةِ" لما تُشكلهُ من أهميةٍ إجتماعيةٍ ودينيةٍ وسياسيةٍ تختلف عن سائر الطباع، لأن الإفراطُ فيها يؤدي الى الإنحلالِ الى توقعُ الفردِ في مستنقعاتِ الرذيلة، كما إن الإنسلاخِ عنها ،وتجريد الفرد نفسهُ منها، بحيث يصبحُ المرءُ مسلوبِ الإرادة، مما يجعله منقاد الى ركبِ القطيع، ش التقليد الأعمى، يؤسسُ الى إخلالٍ في منظومة القيم،
وبالرغم من صعوبةِ إيجادِ الفوارقِ فيما بين تشابكِ مفاهيم القيم ، الإ إن الإمام "جعفرِ إبن محمد الصادق عليهِ السلام" إستطاع إن يجعلَ ميزانٍ يبينُ من خلالهِ المعايرِ الدقيقةِ لفض التشابهُ ، حيث قال في القاعدةِ العقلائيةِ المشهورة، ".لاجبرَ ولاتفويضِ بلْ أمراً بينَ أمرين..
أحياناً ينزعج الفرد من فرض الضوابط الأخلاقية والدينية والعرفية، على التصرفات المنفرة للذوق ، والم
حدثة خلل في شخصيته، ويعتبرها
قيد ومصادرة لحريته، لكنما الواقع إن الإنسان الذي لاتفرض عليه بعض اللوازم، هذا إنسان غير مكتمل، لأن الحرية موهوبة دائماً. لفاقد العقل، والمعتوه،والطفل، بينما تجد إن الحرية المقيدة هي إستحقاق تفاضل، يُمَيزُ بِها العاقل دون فاقد العقل، والإنسان دون سائر المخلوقات،
الإشكالات حول تعاريف الحريةِ متعددة، تختلف من فئةٍ الى أخرى،لكنما المفهوم الأصلح للحرية، هو الإتفاق مع مايوحي بهِ الشارع المقدس والعقل، ولايتوقف توافق هذا التعريف مع ضرورياتِ الشارع المقدس فحسب، بل هو صالحٍ لكل المجتمعات التي أودى بها التمرد والحرية المطلقةالى التفكك الأسري، وانهيار العلاقات العائلية والعاطفية التي تنطوي تحت مفهومها السعادات،والبيئةِ المجتمعيةِ الغربيةِ بلى بذاتِ الشواهد، فغالب اربابِ الأسر حينما يتقدمُ به العمر تراهُ يصحو على واقع لايطاق، يجد نفسه في ديار المسنين، يكابد مرترة الهرمِ بعيداً عن فلذاتِ الكبد وعصارة مجهود السنين، بالوقت الذي تنعم فيهِ نظرائهم في المجتمعات المسلمة، بعناية الزوجة والأبناء حين تداهمهم نوازل البلوى. من شيخوخةٍ أو مرضٍ، كل ماتقدم من منغصات لمتبني أيديلوجيةِ الحريةِ المطرقة، يتقدم اسبابها (التحرر المطلق)او يكاد ينحصر بهِ، فيما أينعت القيود المعقولة ثمارها في المجتمعات المسلمة، من العيش تحت مظلةِ الألفة والعطف وغيرها، مضافاً للحشمةِ التي هي أصلاً من أصول التحرر المعتدل، حيث إن الحشمةِ تعززُ شخصية الفرد في محيطهِ الإجتماعي، بيد إن إطلاق العنان للفرد المتحرر ، يفقده شخصيتهُ ومكانتهُ، بسبب كونهِ يصبح عند ضربِ موجباتِ الحشمةُ، سلعةٍ رخيصةٍ، نتجية عرضها على من هب ودب، او على من لايقيمُ للنظم الأخلاقيةِ وزناً،
يحاولُ العدو ما أمكنهُ، من بث ثقافةِ "الحرية المطلقة" بإعتباره المرتكز الرئيسي. التي تتمحور حولهُ" الحرب الناعمة" الدائرةُ رحاها في مجتمعنا المسلم والثقافي العام، أسواء نجهلُ قيام الحرب الباردةِ أم نعلمهُ، موهمِين الناس بذلك، إن الضابطة والقيودِ على السلوك البشري هو نوعٍ من أنواع سلبِ الحريات، وهذا مايعول عليهِ بكسبِ "جدليةِ الصراع" القائمة فيما بين الإستكبار العالمي، والبلدان المسلمة المحافظة، في الوقتِ ذاتهِ، يسلب حقوق الأوطان، ويهب من أراضيها وسيادتها وتأريخها الجيولوجي مالايملك ،كما الحال في ألأراضي الفلسطينية الأبية،
ولئلاً يجرف بنا التهويلُ والتطبيل الغربي، في خلط الأوراق، وإضفاء الضبابيةِ، في معرفة الحدود الفاصلة، مابين الحريةِ والإنحلال، يجدر بنا جميعاً،الرجوع الى الثقافةِ القرآنية، التي سبقت غيرها على الإطلاق في إرساء (الحريةِ الحمراء) التي لم تمنحها كل الأنظمةِ الغير مسلمةِ. فضلاٍ عن الأنظمة المسلمة، حتى::حين قال تعالى عز من قائل، ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلمون)
فكيف لايكون (القرآن الكريم) حينذا، كفيلاً بإيجادِ الحريةِ التي تضمن كرامة المجتمعاتِ والشعوب، وعلى شتى الأصعدة، كما إن الإنتقياد المطلق، خلف تعاليم القيادة المعصومة، يضمن كذلك قيم الحرية التي تحفظ قيمة الإنسان،
وختامه مسكْ، ماحققهُ سيد الشهداءِ عليهِ السلام في عشيةِ عاشوراء حين قال لافرادِ معسكرهِ وأهل بيتهِ(أنتم في حِلٍ من بيعتي وهذا الليلُ جملاً فإتخذوهُ جملا، وماسبق عاشوراء في تأريخ البشرية ، ولا لحقَ طيلة الحقبة الزمنيةِ المتتدة قرابة الأربعة عشر قرنٍ من الزمن، أن منح قائدٍ معسكرهِ "الحرية المطلقة" رغم خصاصةِ الموقف، والحاحِ الحاجةِ الى الرجال أنذاك، يأتي هذا الصنيع التحرري الفريد، مع إمتلاك الإمام العصمة وحق الطاعة المطلقة اليه ِ عليهِ السلام واجبٍ لامحيص عنه، بإعتبار إشتراك الإمام في ساحة الوغى، يمثل الحجة البالغةِ على افراد معسكرهِ بموجب الولاية التكونية المطلقة، لأن القاعدة ملزمة إلزاماً وجوبياً، بطاعة الإمام في سائر أفعالهِ وأقوالهِ وتروكهِ، ولابديل بالإجتزاء والإحتياط كما يجوز للمُقَلِدينَ للمراجعِ الإجتزاء والأحتياط إن توافرت بذلك الشروط المعينة، لذلك الإلتفاف حول (القران الكريم) وسير "المعصومين عليهم السلام" هو الذي يوفر للفرد والمجتمع معاً حريةٍ تكفل له كرامته وتقدمه نحو مصاف الحضارات
https://telegram.me/buratha