المقالات

الأعمار ... عصا العراق السحرية

1092 15:19:00 2008-01-20

( بقلم : مازن الياسري )

إن اختلاجات الواقع العراقي الداخلي عمقت الرغبة في التوجه نحو الملف الأمني طيلة السنوات الأربع الماضية .. فالهجمات الإرهابية الشرسة ضد تجربة العراق الجديد ومحاولات قتل الرضيع في مهده ساهمت في تحويل اغلب الطاقات الحكومية المتاحة نحو ملف الأمن .. وعلى الرغم من إدراكنا إن هذا التحول هو تعطيل لعجلة التقدم إلا أنها معركة مصيرية فالخاسر إلى الأبد والرابح هو كذلك.

العراق الجديد نجح اليوم في عبور الطريق الوعر ونمى واشتد ساعده وصنع بدماء شهداء ملجمة إنسانية تجسد انتصار الخير على الشر ... انتصار إرادة الحياة الحرة الكريمة على ساكني الكهوف العفنة (الإرهابيين).ملف الأمن بلا شك سيبقى من العناصر الرئيسية في العراق الجديدة وبناءه وخاصة إن التحديات وان كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة إلا أنها لم تنتهي بعد .. ولكن توجهنا نحو بناء عراق امن مستقر لا يمكن أن يتم دون حدوث أعمار.

الأعمار والأمن رديفان لا يمكن أن ينفصلا ويطغى احدهما على الأخر إن إرادة الإرهاب في الكثير من أفعاله وضحت رغبته في تحطيم كل ما هو حضاري وعمراني فالتفجيرات التي استهدفت المناطق التجارية والمشاريع الاقتصادية ومحاولة التخريب والسيطرة على المناطق الآهلة بالسكان والمعروفة بأسواقها العصرية ليس له أي هدف إستراتيجي سوى خلق بيئة بدائية لا يستطيع معها الإنسان الحضاري العيش وبالتالي سيخلق مبرر جاد لهجرة الآهلين لخارج وداخل البلاد .. وهذا ما شهدنا من ممارسات الإرهاب في شوارع بغداد الزاهية و مواقعها الأثيرة كما حدث في شارع المتنبي وجسر الصرافية وتوغلهم في المناطق الجميلة والأسواق الغناء في مناطق المنصور وحي الجامعة والعامرية والسيدية واليرموك وغيرها.. مما حذا بأهلي هذه المناطق بالهجرة عن مناطقهم التي فقدت بريقها ، وأحالها الإرهاب إلى شوارع مظلمة تذكره ببيئته وأفكاره المظلمة .. والعلم الحديث يؤكد إن الجرثومة لا تستطيع العيش إلا في البيئة الطفيلية ، فالبيئة الصحية ستقضي عليها حتماً.

إستراتيجية الحكومية والتفاف الشعب ضد الإرهاب وسطوته حقق منجزات لم يكن اشد المتفائلين يتصور حدوثها .. فقد حقق العام المنصرم 2007 نهوضاً امنياً اعجازياً وقد استطاعت القوات العراقية أن تحرر معظم المناطق التي ظلت لمده حبيسة الإرهاب. وبالتالي بدأ العراقيون يعودون لمناطقهم التي هجروها (وتلك قصة ملحمية اخرى) فقصة حنين العراقي لعراقه شيء لا يستطيع أن يصفه الخيال!!

الحكومة العراقية عبرت عن أملها أن يكون العام 2008 هو عام انطلاق الأعمار بعد ما كان العام 2006 هو عام الأمن والاستقرار .. وهنا لنقف ونتأمل اولاً (لا امن بلا اعمار) و (لا اعمار بلا امن) و (لا حياة بلا الاثنين) ، بالتالي فالحكومة صائبة في رؤيتها ، وتقديمها للأمن وإعطائه الأولوية في المرحلة الماضية هو توجه سليم بلا شك نحو مستقبل مدروس .

لكن الم نلاحظ انه ومنذ الأيام الأولى للعام 2008 (عام الأعمار المرتقب) تواردت الأنباء عن أعمال إرهابية متفرقة ، واستهدافات منظمة وحملة إعلامية عدائية في بعض المحطات فلما كل هذا ؟ وفي هذا التوقيت ؟ الجواب هو لإيقاف الاعمار لان استقرار الأمن ونجاح الاعمار هو البيئة الصحية التي تحدثنا عنها أعلاه والتي لن يستطيع الإرهاب أن يتعايش فيها مطلقاً.

إذن فالحكومة مطالبة وبشدة بأن تسرع بالأعمار ، وان لا تلتفت للمحاولات البائسة من الإرهاب في جرها عن هذا الملف . نعم الإرهاب يعي إن اعمار العراق هو زواله الأبدي من هذه البلاد . فلا يجب أن نعطيه فرصة صغيرة ، بل يجب أن يتم الاعمار ويعود الازدهار وتفتح الشوارع وترفع الحواجز من الطرق ويعاد بريق أسواق بغداد وتزدحم شوارعها.

ولعلي يجب أن اثمن موقف الحكومة في دعمها عودة المهاجرين العراقيين من سوريا إلى البلاد ، وازيد في المطالبة بأن تتوجه الحكومة بدعوة وتوفير سبل العودة لكل عراقي المهجر في دول الجوار الأخرى كالأردن وإيران ومصر . والتي يغري المهاجر للعودة إلى بلاده سوى عنصران وغصة .. فالغصة هي حنينه لوطنه وانتماءه إليه وهو مالا يستطيع أي بشر أن يزايد العراقي عليه ، إما العنصران فهما توفر الأمان وتوفر العمل .. والنقطة الأخيرة (العمل) بلا شك لن تكتمل دون اعمار ، فالشروع بمشاريع الاعمار سيوفر الكثير بل مما يزيد حتى عن الحاجة من فرص العمل بالتالي سنقضي على ظواهر البطالة المتفشية وسنساهم في توفير البيئة الايجابية للمشاريع الصغيرة وسترفع من حجم التطور الفني والتقني لليد العاملة و الكفاءات وفي كافة المجالات .ومما لا شك فيه فأن الإرهاب تعامل مع ظاهرة البطالة والبطالة المقنعة بفعالية عالية حيث انه ساهم من خلال تعطيله للمؤسسات والأسواق والحرف (أي خلق بطالة) سرعان ما استنفر جهوده ومغريات المادية لتسويقها لإرهاب منظم مستغلاً الجهل والفقر ومحمساً إياها من خلال مشاريع الفتنة والتشويه والتفرقة العنصرية والدينية والمذهبية .

إذن فالأعمار مع وجود الأمن ، لن ابالغ إذا وصفته بالعصا السحرية لعراق اليوم . فباستطاعته أن يخرجنا من عنق الزجاجة ويتركنا نتنفس الصعداء ونعيش حياة ارفه وأجمل . فعام 2008 لابد له أن يكون (عام الاعمار) . كما كان سالفه عام الأمن . ولكم هو جميل لو وجدنا خطة مرادفة لفرض القانون ولكنها تعنى بالاعمار ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
طائر الجنوب
2008-01-21
نعم والله فالاعمار العصا السحرية عندما يبدأ الاعمار تزيد الاشغال والمشاريع وتعمل المعامل بكل طاقتها فلا يبقى عاطل واحد عن العمل وبذلك نكون قد تخلصنا من البطالة ورفعنا مستوى المعيشة وحاصرنا الارهاب
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك