احمد لعيبي
كان موفق معلم يعلم الصغار حب الوطن والدفاع عنه ويخط بيده على جدران المدرسة عبارات تؤكد على حب الارض فهو ابن لأب وضعوا جسده في حوض تيزاب في فترة البعث المجرم وامه دفنت حية تحت التراب اثناء البحث عن والده في احد معسكرات المعتقلين..
من رحم المعاناة شق موفق طريقه في مدينة جميلة وانيقة اسمها (آمرلي)..ليتخرج من كلية التربية ويتزوج ويصبح ابا لثلاث بنات في عمر الورد..
كانت داره مفتوحة للغريب والقريب الذي له حاجة فهي في طرف آمرلي فالداخل والخارج من المدينة يرى تلك الدار ويقصدها ..
خيم الظلام على آمرلي بليل داعش الدامي الذي اطفأ انوار المدينة وحجب شمسها واطال ليلها الدامس الدامي ..
ترك موفق دفاتر التدريس والطباشير وامسك قاذفته وتركت اثنين من بناته الدراسة بينما عادت الثالثة من كلية الصيدلة لتحمل السلاح مع والدها قبل ان يطبق الحصار التام على المدينة..
كان يبات موفق مع بناته الثلاث في موضع حفروه حول المدينة وكانت ابنته الكبرى تحمل بيدها بندقية الى جانبه بينما الاخريات يعبأن العتاد ويعددن بعض الطعام الذي بدأ ينفد يوما بعد يوم..
في الليل حكت الكبرى لوالدها سرآ وقالت له ان لها زميل في الكلية يشبهه كثيرا ويريد ان يراه ويخطبها منه وان والدته جاءت الى الكلية ورأتها وقالت انهم سيأتون بعد ان يفتح الطريق الى آمرلي او ان يخطبوني منك في بغداد وانا رفضت ..
قلت لهم من (آمرلي )تكون خطوبتي ومن( آمرلي) يكون زفافي ..!!
دمعت عيون والدها وقال لها ..ان بقيت حيآ وفك الحصار عن آمرلي سيكون ان شاء الله ما تريدين يا قرة عين ابيك..
علا صوت الرصاص والقذائف وتحول الليل الى نهار في آمرلي وكان هناك صراخ ان الدواعش اقتربوا وتسللوا في بعض البيوت ..
في هذه اللحظة شعرت البنت الكبرى بشعور غريب فقالت لوالدها..كنت اخشى ان اموت بمرض امي ولكني اعتقد اني ساموت بشئ اخر..!!
رفعت رأسها لتنظر الى السماء وهي تقول (ان كنت قد كتبت لي الشهادة فأكتبها لي يارب قبل ان يدنس الاوباش مدينتي ..أسالك بزينب ان لا تجعل هؤلاء الاوباش يدنسون ظفائري ويحرقون قلب والدي )..
كانت الرصاصة مسرعة جدآ وهي تحتظن قلب تلك الفتاة التي لفظت انفاسها في حظن والدها وهي تقول له (شكرا لله..وشكرا لزينب..وشكرا لك لانك علمتني ان الظفائر اهم من المناحر..يا والدي في حقيبتي قرآن صغير ادفنه معي ..وضع في قبري قليلا من تراب آمرلي )..
أستشهدت تلك الشابة على ارض آمرلي ودفنت بعد ايام في ارض النجف عندما فك رجال الله الحصار عنها وكان والدها بساق واحده يومها اذ فقد احد ساقيه في المعارك..وكانت اخواتها تقفان عند قبرها وتقرآن آية من القرآن تقول (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ )..
آمرلي لم تكن مجرد مدينة بل كانت بوابة نصر وفخر لكل حر وحرة في هذا الوطن ..
https://telegram.me/buratha