علي الطويل
عندما كتب بريمر مذكراته الشهيرة بعد انتهاء مهمته في العراق ، كحاكم مدني لسلطة الاحتلال ، والذي اسماه عام قضيته في العراق ، افرد فصلا كاملا فيه اسماه ؛ الاصطدام بالحائط ؛ ليتحدث فيه عن المرجعية الدينية ودورها في قلب الطاولة على اجندات المحتلين وخططهم التي جائوا بها الى العراق .
كان ضنهم انهم سيستبدلون نظام حكم البعث بنظام مفصل بمقاسات خاصة حددوها بانفسهم ، ولكنهم اصطدموا بموقف حازم من المرجعية الدينية التي قالت كلمتها ان الحاكم يختاره الشعب ، والدستور يكتبه العراقيون بانفسهم الامر الذي جعلهم يتراجعون عن خططهم واجنداتهم المرسومة ، ومنذ ذلك التاريخ بدا الامريكان واذنابهم بالتفكير مليا قبل الاقدام على اي خطوة يخطونها ، وبدأ كذلك التخطيط في كيفية التخلص من مواقف المرجعية الدينية ذات التاثير الكبير في نفوس العراقيين . ومن ذلك الحين بدات حربهم الشعواء ضد المرجعية الدينية ومواقفها المشرفة ، يتبعهم في ذلك جيش جرار من الفاسدين والنفعيين والعملاء ممن ارتبطت مصالحهم باجندات الاعداء .
وعند احتلال داعش لثلث اراضي العراق ، وهو المشروع الامريكي الذي اريد به رسم خارطة جديدة للمنطقة يكون بوابته العراق ، جائت اللكمة ؛ هذه المرة وليست صفعة ؛ فاصطدموا بموقف تاريخي عظيم بفتوى المرجعية المباركة بالجهاد الكفائي وتاسيس الحشد الشعبي ، الذي قضى نهائيا على احلام الاعداء بتمزيق البلاد وابتلاع ثرواتها وطمس تاريخها ، فكان شوكة مؤذية في عيونهم ، وكان مرصدا لكل تحركاتهم وخططهم .
ما ان اعلن النصر حتى بدات ابواقهم المسمومة وصفحاتهم المشؤومة ، وجيوش العملاء الالكترونية التي يديرونها من وكر الخبث في السفارة الامريكية، بدأ نفث السموم تجاه المرجعية الدينية والحشد الشعبي وبشكل اكبر . فانشأت مئات الصفحات الالكترونية والمواقع والفضائيات ، وجندت جيوش من الادمنية والصحفيين والاعلاميين ليكونوا ادوات هذه الحملة الشعواء التي قل نظيرها في تاريخنا المعاصر ، وكانت المرجعية الدينية والحشد الشعبي المادة الاساسية لما تتناوله تلك الصفحات المؤجورة والمواقع الخبيثة .
اخيرا حكومة السيد عادل عبد المهدي كان لها ركنا اساسيا في التسقيط والتشويه الذي تمارسه تلك المواقع ، ولعل المراقب يستطيع تشخيص ذلك بكل يسر ويعرف الاهداف بكل وضوح . فالحط من مكانة المرجعية الدينية وزجها في اسباب المشكلات وتحميلها مسؤولية المعانات والحرمات والسوء الذي يحصل في البلاد ، وتشويه سمعة الحشد الشعبي والاساءة اليه وبشكل ممنهج وتحميله اخطاء لم يرتكبها.
كل ذلك من اجل زعزعة ثقة الشعب بهذين العنصرين من عناصر قوة العراق في الوقت الحاضر ، لتاتي الخطوة التي بعدها فلا صوت المرجعية يسمع ، ولا سند جماهيري للحشد لكي يتصدى لما هو مرسوم ، وبذلك يحقق الاعداء مايحلمون به ؛ او هكذا ضنهم ؛ اما حملتهم ضد حكومة السيد عادل عبد المهدي التي لم تكتمل بشكل كامل ولا زالت في بداية مشوارها ، فان اهداف ذلك ودواعيه لايختلف عما ارادوا به من استهدافهم للمرجعية الدينية والحشد الشعبي ، اذ ان السيد رئيس الوزراء اعلنها وبصراحة كبيرة انه ملتزم بالحشد كقوة في منظومة الامن العراقي وتابعة للقائد العام للقوات المسلحة وفي امرته . الامر الذي اغاض الاعداء كثيرا ، وعزمه على انهاء الفساد والسوء قد جعلهم يتوجسون منه . يتبعهم بذلك المتشبثون والفاسدون وذوي المصالح المرتبطين بالاجنبي .
لقد تناسى اعداء العراق ان الشعب العراقي شعب متدين وموالي للمرجعية الدينية ، وان هذه المرجعية ؛ تاريخيا ؛ هي من اركان عقيدته وان احدى موجبات قبول عباداته واعماله مع ربه ، وان اواصر علاقته معها مرتبطة بمنظومة القيم والاخلاق التي تربى عليها جيلا بعد جيل ، وان الحشد الشعبي هو خلاصة هذا الشعب والذي تاسس بفعل فتوى تلك المرجعية الدينية، وبالتالي فلا يمكن فك هذا الارتباط الوثيق والصلة العميقة بينهما . لذلك فان الاعداء لمسوا وبما لايقبل الريب ان مايخططون اليه يواجه صعوبة بالغة بالوصول لغاياته واهدافه ، لذلك فعليهم ان لايجربوا مرة اخرى لان ذلك سيجعلهم هذه المرة يسقطون بالقاضية وستكون اقسى عليهم من تلك الصفعات التي تلقوها في المراحل الماضية .
https://telegram.me/buratha