المقالات

                فلنتخذ عدواً جديدا..!


عزيز الابراهيمي

 

العدو في الثقافة الانسانية له دور كبير في ايجاد التماسك لذات الانسان ومجتمعة, فالذات الانسانية ان لم تستشعر عدوها, وصفاته, وما يأمر به؛ فأنه يصعب عليها ان تتجنب مسالكه وحبائله وكيده, لذا ورد في الذكر الحكيم اية واضحة في هذا المجال (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) كما جاء هذا المعنى صريحا في قول احد الشعراء:

 

عَدايَ لَهُم فَضْلٌ عليَّ ومِنَّةٌ فَلا أذهب الرحمَنُ عنِّي الأعَادِيا

هُمُوا بَحَثُوا عَن زَلَّتي فَاجْتنبْتُها وهُمْ نافَسُونِي فاكتسبْتُ المَعَالِيا

 

كما ان لهذه المفردة اثر كبير في تماسك المجتمعات, وتسهيل دور الحكومات في ادارتها وتحركيها حيث شاءت, ولا نريد ان نضرب مثال بالدول التي تحكمها انظمة دكتاتورية, لانها تصور جميع من يختلف معها عدواً, بل نذكر اهم الدول التي تستقر فيها الديمقراطيات, والتي تقود العالم المتحضر اليوم, فهذه فرنسا التي تستقر فيها الديمقراطية وحقوق الانسان تجدها تردد منذ قرون نشيدها الوطني الذي ينذر بعدو محتمل يكاد ان يفتك بابناء الشعب الفرنسي, ويطالب ذلك النشيد المواطنين للتهيء لحمل السلاح وري ارضهم من الدماء النجسة لعدوهم المفترض.

امريكا التي كانت تكتسب من الاتحاد السوفيتي عدوا يبرر لها حجم الميزانيات الهائلة لوزارة الدفاع اضافة الى الازمات المتجددة لنظامها الاقتصادي, اخذت تستشعر الخطر بعد سقوط ذلك الاتحاد الذي كان يكتسب بالنسبة لها كل مزايا العدو القوي, المشخص, الذي يمكن توقع خطواته, والذي يسهم في تماسكها, لذا فأنها حولت حادثة خرق امني في سنة 2001 يمكن معالجتها بتشديد اجراءات الى عدوا يرمي الى القضاء على امريكا برمتها.

الدول المستقرة وتلك التي يسود التوتر حدودها تحاول ان تشخص عدوها, والعراق من اولى الدول بهذا الامر فتشخيص العدو المشترك وادراجه في ثقافة يجمع عليها الشعب العراقي بات امرا جديرا بالتفكير والعمل, فبعد مسيرة الثلاث عشر سنة ثبت للجميع فشل المكونات العراقية المهمة بأتخاذ عدوا يوحد شملهم, ويعزز من وجودهم, فالخوف من التعريب لم يعطي للكرد مزيدا من الرخاء والاستقرار والوئام فيما بينهم؛ لانه يصلح كعدو جيد في النظام الصدامي وحسب, وسيطرة الروافض لم يكن العدو الافضل للسنة؛ لانه لم يجلب لهم سوى الويلات والخراب وتسلط اهالي الشيشان وغيرهم على اراضيهم؛ وتدنيس أعراضهم, وعودة البعث لم يكن بالعدو المحمود لعموم الشيعة لانه لم يحل دون شيوع السياسات الفاشلة وتفشي الفساد والكساد في مناطقهم.

قد يرى البعض ان لدى الشيعة والكرد مشاكل في الادارة والسياسة يمكن الاتفاق عليها, ولكن المشكلة تكمن في المكون السني, الذي تتقاذفه الافكار والتوجهات منذ سقوط النظام ولحد الان بحيث استغل الفكر الوهابي ذلك التخبط ليوجد حاضنة ليوقد نار الحقد ومن ثم الانطلاق في اعماله الارهابية, ولكن التجربة المريرة التي مر بها وحجم الخراب الذي خلفه الارهاب في المدن والشوارع السنية, سيجعلهم يفكرون مليا بخياراتهم المستقبلية, وتجنب العودة لنفس الاخطاء السالفة, وهذا حال الشعوب جميعا التي تكون مدنها ساحات للحرب والاقتتال فالالمان في الحرب العالمية الاولى كانت الحرب بعيدة عن شوارعهم ومدنهم لذا فأن خياراتهم بعدها اتجهت الى امثال هتلر, ولكن عندما دكت القنابل شوارعهم ومدنهم اتجه الشعب الالماني نحو العمل والبناء والسعي نحو التقدم, واختيار الحكومات ولانظمة التي تضمن لهم ذلك.

بعد تطهير ارض العراق من دنس داعش, لابد من تسويق عدوا مشترك بين فئات الشعب العراقي يحافظ على تماسكهم ويوقظ فيهم الحذر من العودة الى ايام داعش السوداء ويحثهم على العمل المشترك لبناء وطنهم من جديد, وكما نجحت اوربا في جلب الاستقرار لبلدانهم بمحاربة النازية علينا ان نحارب الداعشية بما تشمل من اشخاص وافكار وعداء لنظام ديمقراطي وحنين لنظام بائد.

علينا أن نعلن عدائنا الصريح للفاسدين، ومنبعهم الأصيل المتمثل بالبعث الذي ينهش في لحمنا، مخرباأواضاعنا، مستغلا الثغرات بين صفوفنا، محاولا العودة مجددا الى أن يحمنا، وهذهخ المرة بالقوة الناعمة، وليس بالبطش والحديد والنار،التي كانت لعبة خاسرة بالنسبة للبعثيين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك