علي الطويل
لم يخطر ببال احد ممن كان يتابع مسيرة الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني ( رض ) في حينها انها ستثمر هذه الثمرة اليانعة ، فقد كان اكثر من تنبأ بمستقبلها من المحللين الستراتيجين والسياسيين بانها فورة وستنتهي بمجرد ان تستخدم القسوة المفرطة ضدها او باستخدام المؤمرات ، وقد زودوا الشاه بما تقدح به افكارهم ونصحوه بذلك فلم يتردد في استخدام اقسى مالديه من ادوات واساليب لكي يخمدها او يعرقل مسيرتها ، ولكنها في كل مرة يزداد لهيبها وتتوقد شعلتها اكثر فاكثر ، ولم يفهم جميع من حلل في حيثيات هذه الثورة ، في تلك الفترة الحالكة الظلام في ايران وفي محيطها العربي والاقليمي ، انه كيف يمكن لعلماء مدرسة اهل البيت من استقطاب الامة وقيادتها بدون سلاح وبدون ادوات سياسية او تنظيمية ، لان اقرب عهد لهؤلاء المحللين بذلك هو قبل الثورة بعشرات السنين ، في ماسمي بثورة التنباك في ايران او ثورة العشرين في العراق ولم يكن لتلك التجربتان من نتائج ستراتيجة واضحة على ارض الواقع ، وتناسى هؤلاء المحللون ان الجماهير في مدرسة اهل البيت عندما تتمسك بعقيدتها وتاتمر لمرجعيتها القائدة فانها ستكون بركانا لايقف بوجهه احد مهما كانت قوته وجبروته ومهما تعاظم حجم المؤامرات والدسائس.
وما ان انقضت جماهير الثورة الاسلامية على نظام من اعتى نظم الطاغوتية التي عرفتها البشرية في عصرنا الحديث وهو نظام الشاه ، حتى تاسس نظام الجمهورية الاسلامي الذي وجه صفعته القاتله لمخططات امريكا التي لم ينفع مكرها في ايقاف عجلة الثورة على طول مسيرتها قبل وبعد سقوط النظام الطاغوتي الذليل ، والذي كان احد اكبر الا ذرع الامريكية والصهيونية في المنطقة والعالم ، فلم تنفك قوى الاستكبار في تقديم دعمها لهذا النظام واذنابه فيما بعد ، ولم تتردد يوما في التأمر على الثورة الفتية بجميع ماتملكه من ادوات المكر والتامر الا واستخدمتها للنيل منها وعرقلة مسيرتها . ولكن قيادة الامام الخميني ووعي الامة لدورها وتمسكها بقيادة الفقيه افشل كل مخططات الاستكبار . فلم يشهد تاريخ الثورات ان ثورة تاسس نظاما جديدا وفي اشهر من عمره تشن عليها ابشع حرب تدميرية تطول ثمان سنوات والجيش مفكك والنظام لازال طريا وتعتريه الكثير من المشكلات الادارية والسياسية والاقتصادية ، وقد استخدم النظام الصدامي كل مايملكه من قوة واسلحة واساليب اعلامية ونفسية وحصار ودسائس داخلية وخارجية ، وقد تلقى نظام صدام دعم العالم باسره واغدقت الاموال عليه لاجل الاستمرار حربه حتى بلوغ اهدف الاستكبار في اسقاط هذا النظام الفتي ، ولكن كل ذلك تحطم على صخرة الصمود والثبات التي غرستها المدرسة الخمينية في صفوف الجماهير الايرانية ومنحتها الارادة والقوة والصلابة في المواجهه ، ولم تتوقف المؤمرات بتوقف الحرب الصدامية بل توالت باشكال اخرى كالتخريب والدسائس الداخلية والحصار الخانق الذي شمل حتى الدواء ، ولكن الثورة التي لم توقفها اعتى المؤمرات وهي لازالت فتية ، فلا توقفها ايضا بعد ان امتلكت الخبرة والقوة وتربعت على ناصية العلم والتكنلوجيا والادارة وامتلكت خبرات ادارة الملفات والتفاوض التي اعجزت الاعداء بصبرها وذكائها وقدرتها على المناور والمطاولة والثبات لنيل المطالب وتحصيل الحقوق .
والثورة الاسلامية ونظامها الجمهوري في ربيعها الاربعين اليوم تقف في مصاف الدول العظمى ويحسب لها الحساب في ستراتيجيات الدول الكبرى ومخططاتها لمستقبل العالم فقد تجاوز نفوذها المنطقة الجغرافية واقليمها ، وتوالت انجازات الثورة ففي كل يوم تظهر للعالم انتاجا جديدا واكتشافا علميا وتطورا اقتصاديا وعسكريا وصناعيا ، حتى اصبحت شغلا شاغلا لامريكا واسرائيل لايغيب عن اذهانهم وكابوسا يقض مضاجعهم ولايعرفون كيف يتخلصون من تاثيراته على مصالحهم وخططهم للمنطقة والعالم والغريب الذي لازالوا لم يفهموا طبيعته هو هذا الالتفاف الجماهير حول نظام الجمهورية الاسلامية وفي احلك الظروف التي فرضوها عليه من اجل تفكيك هذا التلاحم ولكنهم الى الان قد عجزوا في ذلك كله ، فرغم قساوة الظروف الاقتصادية والحصار اقلة فرص العمل والمعيشة - تلك الظروف التي خلقها الحصار الذي فرضوه - ولكن جماهير الثورة لازالت متمسكة بنظامها وملتفة حول قيادة الفقيه العامل رغم كل مايحاك وبتحد كبير لكل الظروف والمشاكل
https://telegram.me/buratha