قيس النجم
حكايات تحمل في طياتها الحكم والدروس، يحكيها التاريخ عن قصص العرب، حول السجال والحكمة والرد بالمثل، فيحكى عن لقاء بين شريك بن الأعور ومعاوية بن صخر، إذ كان شريك ذميماً، فقال له معاوية: إنك لذميم والجميل خير من الذميم، وإنك لشريك ومالله من شريك، إن إباك لأعور والصحيح خير من الأعور، فكيف سُدْت قومك؟! فقال له : إنك لمعاوية، وما معاوية إلا كلبة عوت فأستعوت الكلاب، وإنك لإبن صخر والسهل خير من الصخر، وإنك لإبن حرب والسلم خير من الحرب، وإنك لإبن أمية وما أمية إلا أمة فصغرت، فكيف سُدْت المؤمنين كما تزعمون؟!
الخضوع الفكري للموروث السيء، والخنوع للآثام السياسية والإجتماعية، بإعتبارهما إرثاً، مفهوم خاطئ لدى الأغلبية العامة من العرب، رغم أنهم أصحاب حكمة وفطنة وفراسة، وهذا ما يشهد له التاريخ.
كنت في زيارة علاجية، في جمهورية إيران الإسلامية، الدولة التي دخلت الحرب مع العراق، لمدة ثمان سنوات، حرب ظالمة على الشعبين، وهي نفس الدولة التي طبق عليها الحصار الدولي، بسبب برنامجها النووي، وأيضا هي الدولة التي تحمكها (الملالي) كما يسميها بعض الناس، وهي دولة الفقية والدولة الشيعية، وتحمل كثيراً من الصفات كلٌ على ما يراه ولكني كنت أنظر اليها، على إنها دولة جارة لا أكثر ولا أقل.
حجزت من بغداد الى مدينة قم في إيران، وإنطلقت رحلتي نحو المجهول، لأنني أول مرة أزور فيها هذه الدولة الفقيهية، وفي مخيلتي أاحمل صورة لهذا الشعب المسكين! كم يتألم؟ وهو يعيش تحت ضغط المعممين، وأصحاب الفتاوى الإسلامية وما الى ذلك مثلي مثل أغلب الشباب، الذين لم يزوروا إيران سابقا،ً وترسخت هذه الصورة القبيحة في أدمغتهم، وهم بحاجة الى زيارة واحدة لإيران، لتتغير الصورة وتصبح حقيقة واقعة، لتكون شاهداً على فهمهم الخاطئ.
الرسالة يجب أن تصل، ومفادها أن شريكاً فارسي الأصل، لكنه سيد قومه، وبهذا فقد سادت إيران على شعوب المنطقة، حيث أنها خرجت من الحرب منتصرة في كل شيء، رغم التضحيات الجسام، لكن بمواطنتها، وتقدم بلدها، وحكمتها، رضي الشعب عن حكومته، فتراهم كخلية نحل تنتج العسل، وتلقح الأزهار العطرة، وهذا ما لمسته من خلال تفاني الشعب الإيراني، على دعم إقتصادهم الوطني، محبين لشعار رفعوه (ساخت إيران)، ومعناها (صنع في إيران).
لو جمعت كل علامات التعجب والإستفهام، ولو بحثت عن علامات للإبهار، لاضفتها عن وصف لوعي هذا الشعب، الذي أصبحت دولته بإطار إسلامي أمام العالم، ومعيشتهم قمة في الإبداع، والروعة، والتنظيم، وبدون مبالغة، فقد قاربت حياتهم النظام الأوربي، بإحترامهم لقوانين بلدهم، وإعتزازهم بقوميتهم وحبهم لمذهبهم.
عدت للعراق فوجدت، أن أسمال السياسة بارعون، في خلق الفوضى، وسرقة الأموال، وخرق النظام، دون مراعاة للشعب الذي عانى الأمرين، على يد حكام علمانين، ودعاة إسلاميين تعاقبوا عليه.
علينا نحن العراقيين، أن نتخذ الشعب الإيراني أنموذجاً، لنقف ونتعلم حب الوطن والمواطنة منه، وإلا سيحكمنا من على شاكلة معاوية، الذي إستعوى على الشعب، بإسم الدين والدين منه براء، فهم لا يعرفون سوى الإفساد، والهدر، والسرقة، لذا علينا رفع شعار (صنع في العراق) مهما كانت أوضاعنا، لنسير بخطوات واثقة نحو إصلاح انفسنا، ليكون كل عراقي سيد قومه وبإمتياز!
ختاماً: أنا لا أسوق للجمهورية الإسلامية الجارة، ولكننا بحاجة الى ثورة حقيقية، لتغيير ما بأنفسنا، ولنزرع بذرة حب الوطن، بالفعل وليس القول، لأننا أصل الحضارة، ويعاب علينا أن نكون في ذيل القائمة، بسبب جهلنا، ولهذا سوف نسوق عبارة، (صنع في العراق) من أجل العراق
https://telegram.me/buratha