أمل الياسري
مدافن للنفايات، وليس مدارس للتربية والتعليم، هو أقل ما يمكن أن توصف به، أماكن الدراسة، وتلقي العلوم والمعارف، في مؤسساتنا التربوية، والأسباب كثيرة منها: وجود الثغرات الكبيرة في عصر الإنترنت، عوضاً عن التلفزيون التربوي، الذي أكل عليه الزمن وشرب، دون اللجوء الى الطرق الحديثة في عرض المعلومات، فلا يعير الطالب أي أهمية لهذه القنوات الرتيبة!
المناهج الدراسية في الوقت الراهن، ما زالت دون المستوى المطلوب، لأننا ما برحنا نسير، على طرق الماضين الأوائل، في تقديم المادة الدراسية، في الكتاب وبشكل روتيني باهت، لا طعم، ولا لون، ولا رائحة له، لذا ترى التلميذ يكره حقيبته، عدا الأسبوع الأول من أيام دراسته، لأنها تثقل كاهل ظهره، دونما فائدة لغياب الرغبة في التعليم!
عدم وجود إستراتيجية تربوية، وطنية، شاملة لأهداف الدولة في تربية الناشئة، هو ما خلق جيلاً فوضوياً، ذلك أن الأهداف الحديثة، التي برزت الى السطح، تحمل في زواياها جملة من العلل التربوية الغربية، حيث لا تنسجم وديننا الحنيف وتقاليدنا، فالنفاق التربوي أمسى ظاهرة خطيرة، طرأت على كتبنا المظلومة، بسبب ضعف خطة التنمية الوطنية، في مجال التربية!
أصحاب المصالح لا ينفكون عن التخطيط، لتحطيم البنية التربوية لمجتمعنا، ذلك أن أجيالنا الصاعدة في الماضي القريب، كانت تمثل النخبة المتميزة، في كافة الإختصاصات العلمية، والأدبية على مستوى العالم، بسبب رصانة النظام التربوي في العراق، وإنتهاج أسلوب التنظيم، والتقييم، والرصد، والتقويم لكل سلوك طارئ، يحاول النيل من العقل العراقي الواعد، الذي يعد البذرة الأساس للتقدم.
الفساد الإداري والمالي، بل وحتى الأخلاقي، باتت السمات الأبرز، للنظام التعليمي في العراق، والسبب في فلسفة الدولة، التي يراد منها الإلتفات، الى كيفية بناء جيل مخلص، للوطن والمواطنة، وفي إطار المجتمع ومبادئه، خاصة ونحن في خضم الثورة الإعلامية والفضائية، إن لم نقل كونية، لأن مخاطرها أسوء ما تكون، على جيل عزل عن العالم لفترة طويلة!
أشارت المرجعية الرشيدة، الى المعوقات التي تواجه العملية التربوية، وهي لم تركز عليها إعتباطاً، بل لأن المؤشرات باتت خطيرة جداً، مع تصاعد نسبة الأمية، وفقدان الطاقات الشبابية، بسبب إنتشار أفكار التطرف والتكفير، لتهدد أركان الدولة، حيث ينشأ جيل فوضوي، عنيف، متطرف، وعليه وجب الحذر، وإيجاد الحلول الواقعية، للمشاكل التي تعترض وزارة التربية، وبأسرع وقت ممكن!
التركة السيئة التي ورثها معلم النظام البائد، هي أهم مشكلة تعترض العملية التربوية في العراق، لأن المعلم بشخصيته القديمة، يحتاج الى الإطلاع على الطرق الحديثة، في علم النفس التربوي، لإكتساب المفاهيم الجديدة، كما إن إصراره على رتابة الطرق التقليدية، يدل على ضعف القدرة على التواصل، مع الأنظمة التربوية المتطورة، وبالتالي زيادة الثغرات بين المعلم والتلميذ!
إن تحديات القرن الحادي والعشرين، تحتم علينا بذل المزيد من الاهتمام، بالجانب النفسي للتلميذ، وتمتين العلاقة بين المدرسة والبيت، وإصلاح الواقع الإشرافي والتوجيهي، لبناء جسور الثقة مع الإدارات، وعوائل التلاميذ بتعميق الدور، الذي تلعبه مجالس الآباء والمعلمين، وتفعيل النشاطات اللا صفية، كالجانب الرياضي والأدبي، فالتعليم هو الوسيلة الفعالة، للقضاء على الإرهاب، خدمة لأطفالنا بحاضرهم ومستقبلهم!
https://telegram.me/buratha